بقوله : «أتوضّأ من الحميم»[21] . أي لو وجب الوضوء ممّا مسّت النار لوجب الوضوء من استعمال الماء
الساخن ، وهذا ممّا لم يقل به أحد ، والمعهود في الشريعة
أنّ الوضوء ينتقض بالخارج النجس لا بالداخل الحلال الطاهر ،
وكيف يجعل الرسول 0 الطعام الحلال الطاهر
ناقضا للوضوء ؟!!
هذا ، وقد احتمل البعض أن يكون مسّ الفرج من نواقض الوضوء ، ومنهم ذلك الأعرابي الذي سأل رسول الله عنها فأجاب 0 : «وهل هو إلّا مُضغة منه أو بُضعة
منه»[22] ؟!!
* * * * *
هذه بعض
النصوص ذكرناها للوقوف على نهج السلف في تعاملهم مع الأحكام والروايات الصادرة عن
الصحابة ، وأنّهم كانوا يطرحون البعض منها لمخالفتها للأُصول الثابتة في
الشريعة ومنافاتها للعقل والفطرة ، وكفى بها شاهدا على أصالة هذا النهج عند الأقدمين .
لكنّنا
نتساءل : هل يمكننا إعمام هذا على الكتّاب المعاصرين والعمل في ضوئه ، أم أنّه كان رخصة للصحابة فقط ،
فلا يحقّ لنا خوض هذا الميدان ؟!
قال
أحمد أمين ـ في معرض حديثه عن منهج علماء الحديث ـ :
«
وقد وضع العلماء للجرح والتعديل قواعد ، ليس هنا محلّ ذكرها ، ولكنّهم والحقّ يقال عنوا بنقد الإسناد أكثر ممّا عنوا بنقد المتن ، فقلّ أن تظفر منهم
[21] سنن ابن ماجة 1 : 163 / باب
الوضوء ممّا غيرت النار / ح 485 ، سنن الترمذي 1 : 115 كتاب
الطهارة / باب في الوضوء ممّا غيرت النار / ح 79 .
[22] سنن أبي داود 1 : 46 / باب
الرخصة في ذلك / ح 182 ، سنن الترمذي 1 : 131 / باب
ما جاء في الوضوء من مس الذكر / ح 85 .