اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 97
[مباحث الدليل الشرعي]
الدلالات الخاصة والمشتركة :
يلاحِظُ المجتهدُ أنّ بعض
الألفاظ والجمل هي خاصّة في موارد خاصّة ، مثل كلمة (صعيد) في قول الله جلّ وعلا [
فَـتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَـيـباً ] فيـبحث الفقيهُ ـ في علم الفقه ـ عن معنى كلمة
(صعيد) ، وتارةً تلاحَظ بعضُ الكلمات أو الجمل عامّةً تأتي في الكثير من الأبحاث ،
مثل صيغة الأمر فيـبحث الأصوليُّ ـ في علم الأصول ـ عن دَلالتها على الوجوب وعن إفادتها
الوجوب التعيـيني أو التخيـيري أو العيني أو الكفائي أو النفسي أو الغيري ، فيَتمسّك
بالإطلاق وقرينة الحكمة لإثبات العينـيّة والتعيـينية والنفسية ، ومثل هيأة الجمل
الشرطيّة فيـبحث عن دلالة هيأة الجمل الشرطيّة على المفهوم ، وعن الدليل على وجود
مفهوم لها أو عدم وجود مفهوم لها ، فإن قلتَ بوجود مفهوم لها وأنّ الظاهر أنّ
الشرط فيها هو علّةٌ منحصرة ، فح إن وَجَدْتَ روايةً معتبرة أخرى من إمام متأخّر يَذكر
للجزاء علّةً أخرى لنفس الجزاء ألا تشعرُ بالمجازيّة ؟ أو قُلْ : ألا تـتعجّب من
الجملة الشرطيّة الثانية ؟! وهل تجمع بين العِلّتين الشرعيّتين بـ أو أو تجمع بـينهما
بالواو ؟ على كلٍّ هي أبحاث معقّدة وتحتاج إلى بحث كثير لنفهم معناها بدقّة لنستـنبط
منها أحكاماً شرعيّة .
المهمّ هو أنّ الكلمات والجمل
الخاصّة يتكفّل علمُ اللغة في تعيـين معناها ، وليست هي من علم الأصول في شيء
لأنها لا تجري في كلّ أو جلّ الأبحاث الفقهيّة . وأمّا هيآت بعض الكلمات ـ كصيغة
الأمر ـ أو هيآتُ الجمل التي تأتي في طريق الإستـنباط كثيراً فينبغي إدخالُها في
علم الأصول كما تعلم ليـبحث فيها الأصولي فيعطي رأيَه فيها ليستخدمها ـ كقاعدة
عامّة ـ في موارد مختلفة وكثيرة .
فإنِ استشكلت علينا فـقلتَ : إنّ البحث في عالَم
الألفاظ والمعاني في كلا النحوين لا ينبغي أن يكون في علم الأصول ، وإنما يجب أن
يكون في علوم اللغة العربـية ، فهُمُ الذين يجب أن ينقلوا لنا استعمالات العرب
لنعرف المرادات اللفظيّة للمتكلّم ، ونحن بالتبادر العرفي وبالإستعانة بأهل اللغة
نعرف المدلول اللفظي بلا حاجة إلى تَعَمُّلٍ ومزيد عناية ، فأي مجال يـبقى للبحث
العلمي ولإعمال الصناعة والتدقيق في هذه المسائل لكي يَتولَّى ذلك علمُ الأصول ؟!
لكان الجوابُ : إنَّ البحوث اللفظية
التي يتـناولها علم الأصول على قسمين :
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 97