اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 953
فأمّا ترجيح أحد الخبرين على الآخر
من حيث إنّ أحدهما يقتضي الحظر والآخَرَ الإباحةَ[971] والأخْذ بما يقتضيه
الحظر أولى أو الإباحة ، فلا يمكن الإعتماد عليه على ما نذهب إليه في الوقف ، لأنّ
الحظر والإباحة عندنا مستـفادان بالشرع فلا ترجيح بذلك ، وينبغي لنا التوقف فيهما
جميعاً ، أو يكون الإنسان فيهما مخيَّراً في العمل بأيِّهِما شاء .
وإذا كان أحد الراويـين يروي
الخبر بلفظه والآخَرُ بمعناه يُنظَرُ في حال الذي يرويه بالمعنى ، فإنْ كان ضابطاً
عارفاً بذلك فلا ترجيح لأحدهما على الآخر ، لأنه قد أُبـيح له الرواية بالمعنى واللفظ
معاً فأيُّهما كان أسهل عليه رواه . وإن كان الذي يروي الخبرَ بالمعنى لا يكون
ضابطاً للمعنى أو يجوز أن يكون غالطاً فيه ، فينبغي أن يؤخذ بخبر مَن رواه باللفظ
.
وإذا كان أحد الراويـَين أعلم
وأفقه وأضبط من الآخَر ، فينبغي أن يقدم خبره على خبر الآخر ويرجح عليه ، ولأجل
ذلك قدمت الطائفة ما يرويه زرارة ومحمد بن مسلم وبريد وأبو بصير والفضيل بن يسار
ونظراؤهم من الحفاظ الضابطين على رواية من ليس له تلك الحال . (يظهر أنه يريد بكلّ
هذا أن يَصِلَ إلى الواقع بكلّ جهده) .
ومتى كان أحد الراويـين متيقظاً
في روايته والآخَرُ ممن يلحقه غفلة ونسيان في بعض الأوقات ، فينبغي أن يرجح خبر
الضابط المتيقظ على خبر صاحبه ، لأنه لا يؤمن أن يكون قَدْ سَها أو دخل عليه شبهة
أو غلط في روايته ـ وإن كان عدلاً لم يتعمد ذلك ـ وذلك لا ينافي العدالة على حال .
وإذا كان أحد الراويـين يروي
الخبر سماعاً وقراءة والآخرُ يرويه إجازة ، فينبغي أن يقدم رواية السامع على رواية
المستجيز ، اللهم إلاّ أن يروي المستجيزُ بإجازته أصلاً معروفاً ، أو مصنفاً
مشهوراً ، فيسقط حينـئذ
الترجيح .
وإذا كان أحد الراويـين يذكر
جميع ما يرويه ويقول إنه سمعه وهو ذاكر لسماعه ، والآخر يرويه مِن كتابه ، نُظِر
في حال الراويمن كتابه
، فإن ذَكَرَ أنّ جميع ما في كتابه سماعُه (أو سماعةٌ وليس نقلاً) فلا ترجيح
لرواية غيره على روايته ، لأنه ذَكَرَ على الجملة أنه سمع جميع ما في دفتره (حتى) وإنْ
لم يَذكر تـفاصيلَه ، وإن لم يذكر أنه سَمِعَ جميعَ ما في دفتره (حتى) وإنْ وجده
بخطه أو وَجَدَ سَماعَه عليه في حواشيه بغير خطه ، فلا يجوز له أوّلاً أن يرويه
ويرجَّحُ خبرُ غيرِه عليه .
[971]
كما لو ورد خبران ، أحدهما يقول "بـيع كلب
الماشية وكلب الزرع وكلب الحائط جائز" ، والآخر يقول "ثمن الكلاب
الثلاثة" ، ولا يمكن الجمع بـينهما.
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 953