responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 899

 

إذن ، يقع التعارض بين مدلولَي الخبرَين الحجّة المتكاذبين بنحو التـناقض أو التضادّ . وإنما قلنا (الحجّة) لعدم وجود أيّ قيمة شرعيّة للخبر الغير حجّة ، فهو بمثابة العدم ـ وإن كان قد يفيدنا كقرينة ـ ، ولذلك يقتصر علماؤنا ـ في بحث التعارض ـ على الأخبار الحجّة . ولا يقع التعارض بين الأحكام الشرعيّة في مرحلة الجعل ، لاستحالة وقوع تعارض بين الجعلين ، ويكون التعارض والتكاذبُ في مدلولَي الخبرين المظنوني الصدور ، الصريحين في المعنى بحيث لا يمكن الجمع الدَلالي بـينهما ـ كأنْ يُفيدَنا أحدُ الدليلين الوجوبَ مثلاً بوضوح والآخرُ يقول بغير الوجوب بوضوح ـ ولا يكون تعارضٌ وتكاذب إلا إذا كانا في عرْض واحد ـ لا أن يكون دليل في طول دليل آخر كما في الحاكم والمحكوم ـ ، فلو كان التعارض المذكور في عرْض واحد فهنا نرجع إلى الأصدق والأفقه ، أي أنه ليس الخبران قطعيـَي الصدور ، وإلاّ لو كانا قطعيـَي الصدور كلاهما ، ولا يمكن الجمع العرفي بـينهما دلالةً أيضاً ، لأدّى ذلك إلى وقوع التعارض في عالم الجعل ، وهذا لا يمكن .

وإن كانا مظنونَي الصدور وصحيحَي السند فإنـنا نأخذ بما هو أرجح سنداً وأقوى صدوراً ، وهو ما أخذ به أكثرُ أصحابِنا ، فإنهم لا يرجّحون روايةً على رواية إلاّ لسبب وجيهٍ ـ كما لو كان يدعمُ الروايةَ الأولى الكثيرُ من الروايات بخلاف الرواية الثانية ، وكما لو كان سندُ الرواية الأولى مِنَ الصحيحِ الأعلائي بخلاف الثانية ، وكما لو كانت الأولى أقربَ إلى الشرع وكانت الروايةُ الثانية بعيدةً عن ذَوق الشرع ، وكما لو كانت إحدى الروايتين أظهرَ من الثانية ـ فإنْ تساوت الروايتان من جهة أخْذِ الأصحابِ بكليهما فإنـنا ح نـنظر إلى مادّة الروايتين فنأخذ بما وافق كتابَ الله وخالف العامّة ، والنظرُ إلى مخالفة العامّة هو أيضاً نظرٌ إلى جهة الصدور ، فقد تكون إحدى الروايتين قد صدرت تقيّة .

المهم هو أنه لا يمكن ـ مع تعارض الروايتين المذكورتين ـ القولُ بشمول أدلّة حجيّة خبر الثقة لكلا الخبرين ، أي أنه لا يمكن أنْ تشمُلَ أدلّةُ حجيّةِ خبر الثقة كلا هذين الخبرين ، وإنما نذهب إلى الترجيح ، فيجب الذهاب أوّلاً إلى الترجيح السندي ، ثم إلى الأخذ بالرواية التي أخذ بها كلّ أو جلّ أصحابنا ، فإن تساوت الروايتان من هتين الجهتين فإنّ علينا أن نـنظر إلى ما وافق كتاب الله وخالف العامّة فنأخذ به ... وذلك كما لو وَرَدَ (في الحالة الفلانيّة يجب التمام في الصلاة) وفي خبر آخر وَرَدَ (في نفس الحالة المذكورة يجب القصر) !! أو كما لو وَرَدَ (بـيع الكلاب الثلاثة جائز) و (ثمن الكلاب الثلاثة سحت) ، ففي هكذا حالة لا يمكن أن تشمل أدلّةُ حجيّة خبر الثقة كلا الخبرين ، بل هو محال عقلاً ، لعدم إمكان أن يقول الله تعالى (خبرُ الثقة حجّة مطلقاً حتى في حال تعارض الأخبار) !! ولذلك اُمِرنا في الشرع أن نذهب أوّلاً إلى الترجيح السندي في حال التعارض الدلالي ـ أعني عند التعارض الدلالي المستقرّ ـ ، وبسبب رفْضِ إعطاء دليل حجيّة الظهورِ الحجيّةَ لكلا الظهورين

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 899
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست