اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 89
هذا هو ما
نريده من جعل الحكم المماثل لا غير . لذلك ترانا نقول في كتابنا هذا بجعل الحكم المماثل ، لكنْ
بالبـيان الذي كرّرناه مراراً ، لكنْ ـ كما قلنا قبل قليل ـ كان الأَولى ـ بناءً على
هذا الفهم ـ أن يسمّى هذا المسلك (مسلك اعتبار الحكم المماثل)
والفائدة الثانية : إنـنا سواءً قلنا
بمسلك جعل الحكم المماثل أم لم نقل ، فالأصلُ هو عدم الإجزاء سواءً في الأمارات أو
في الأصول العملية ، لأنها لا تخرج عن كونها أحكاماً ظاهرية شُرّعت لحال الجهل ،
ويَسقط اعتبارُها شرعاً وعقلاً عند المعرفة بالواقع ، طبعاً إلا إذا دلّ دليل خاصّ
على الإجزاء في مورد خاصّ ، كما فيما لو صلّى شخصٌ بنجاسةٍ ثم بعد الصلاة عَلِمَ
بالنجاسة فقد دلّ دليل خاصّ على الإجزاء .
القضيّة الحقيقيّة والقضيّة الخارجيّة للأحكام
لا شكّ في أنّ كلّ
الأحكام الشرعيّة الواقعيّة هي أحكام حقيقيّة ـ أي كليّة لأنّها موجودة في اللوح
المحفوظ أو في ذهن البشر مثلاً ـ مثل (المؤمنُ نظيف) و (إذا كان العالمُ عادلاً
وجب إكرامه) و (الصلاةُ واجبةٌ) و (إذا زالت الشمسُ فقد صارت الصلاة على المكلّفين
واجبةً) و (إذا استطاع المكلّف فقد وجب عليه الحجّ) ، أمّا أحكامُ القضاةِ والمقنـنين
العاديـين فمنها ما هو حقيقي ـ كقولهم القاتِلُ يُقتَلُ ـ ومنها ما هو خارجي
كحُكْمِهم بأنّ الشيء الفلاني هو لفلان ، بناءً على البـينات والأيمان .
لعلّ السبب في طرح بحث تبعيّة الدلالة
الإلتـزاميّة للدلالة المطابقيّة هو أنه جرى الكلام بين العلماء عمّا إذا سقط المدلولان
المطابقيّان لأمارتين معتبرتين متعارضتين تعارضاً مستـقرّاً ، فهل يصحّ ح البناءُ
على بقاء المدلول الإلتـزامي المتـفق عليه بين الأمارتين أو قُلْ المدلول الناتج
المتـفق عليه عند كلتا الأمارتين ـ وهو المسمّى بالمدلول الثالث ـ رغم سقوطهما
بالتعارض ؟
الجواب : لا شكّ ـ أوّلاً ـ
في سقوط المدلول الإلتـزامي للأمارة التي سقطت ، وذلك لنشوء مدلولها الإلتزامي
منها ، وذلك لوضوح أنه إذا سقطت العلّة فقد سقط معلولها معها . وأمّا بالنسبة إلى
بقاء المدلول الثالث فهذا مرتبط بـبقاء الوثوق والإطمئـنان بصحّة المدلول الثالث ،
كما لو فرضنا تعارُضَ الأمارتين المعتبرتين في غُسْل الجمعة ـ فواحدة تـقول بوجوبه
وأخرى تـقول باستحبابه ـ وسقوطَهما
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 89