اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 845
ولذلك ـ بعد عدم جريان
الإستصحاب في الحكم المعلّق ـ يجب الرجوعُ إلى العمومات الفوقانية كقاعدة الحِلّيّة
في الزبـيب المغلي .
* ومِنَ اللازمِ هنا أن نُرَكِّزَ
على الملاحظةِ التالية :
يُفهم من شروط القضيّة
الشرطيّة الشرعيّة أنها مطلوبة بنحو الصفتيّة ، فترى الفقيهَ لا يستصحب لإثبات
شروطها ، وذلك كما في مثال العصير العنبي المغلي وكما في عدم استصحابهم لبقاء زيد
تحت الجدار لإثبات أنّ الجدار وقع عليه وبالتالي أنه قد مات ، وكما في عدم
استصحابهم لبقاء زيد في مكانه لإثبات أنّ الرصاصة التي أطلقها عَمْرو على زيد قد
وصلت إلى زيد وبالتالي قد قتلته الرصاصةُ ، إذن فيجب ـ بناءً على توهُّم جريانِ
الإستصحاب ـ على القاتل القِوَدُ أو الدية والكفّارة !! ولذلك ترى الفقهاءَ لا
يثبتون هذه اللوازم التكوينية ويقولون "لأنه أصلٌ مُثْبِتٌ" ، وتارةً ترى
الفقيهَ يَستصحِبُ ، وذلك يحصل فقط في مواضيع القضايا الشرعية الحملية ، كما في الحكم الشرعي
"يُحكَمُ بـبقاء زوجية الغائب حتى يَثبت موتُه ولا يقسَّمُ مالُه" ، ففي
هكذا حالة يجري استصحابُ حياة زيد الغائبِ ليُرَتَّبَ على ذلك الأحكامُ الشرعية
المنجَّزة كبقاءِ الزوجيّة وحرمةِ تقسيم مالِه ، وكما في استصحاب كُرّيّةِ الماء .
إذَنْ
فالمسألةُ موقوفةٌ على كون القضية الشرعية شرطيةً أم حمليةً ، فإنْ كانت شرطيةً
فالظاهرُ منها أنّ الشروط مطلوبةٌ بنحو الصفتيّة ، فإنْ أردتَ إجراءَ الإستصحاب
لإثبات وجود شرط القضية الشرطية فهو أصلٌ مثبت كما عرفتَ ، وإن كانت حمليةً فإنّ
الإستصحاب يجري في موضوع الحكم أو في وصفِه لأنّ الأثر الشرعي يترتّب على هذا
الإستصحاب مباشرةً أي من دون وساطةِ لازِمٍ عقلي .
* وهنا نرجع إلى السؤال
المطروح في مقدّمة البحث فنقول :
هل يجري استصحابُ حياة العبد
الغائب في ليلة عيد الفطر لإثبات وجوب فطرته ؟
الجواب : لا ، لا يجري
الإستصحاب في هكذا حالة ، وذلك لأنّ المطلوب شرعاً أن يكون العيال معلومِي الحياة
بنحو القطع الصفتي ، أي منظور إلى الشرط
بنحو الإستقلال والوجود الوجداني ، لا بنحو الصفة الذائبة في الموضوع والمتّحدة
معه ، والإستصحابُ لا يُثبِتُ الحياةَ بنحو القطع الصفتي الوجداني ، وإلاّ لكان
أصلاً مثبتاً . وبتعبـيرٍ آخر : يظهر من الشرع أنّ القضيّة الشرعية هي هكذا
"لو كان أحَدٌ مِنَ العيال حيّاً عند ليلة عيد الفطر لوجبت زكاة الفطرة
عنه" ، وهو
ظاهرٌ في لزوم وجود مرحلةٍ قبل مرحلة ترتّب الأثر الشرعي وهي مرحلة إثبات وجود
المعال والتي هي عبارة عن الواسطة
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 845