اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 83
فإنّ عليك أن تبنيَ على بطلان
وضوئك بالإجماع ، ولا صلاة إلاّ بطهور ، فتكون بالتالي صلاتُك باطلةً ، وهذا أيضاً
بالإجماع ، وهذا يعني أنّ الفرقَ بين الوضوء بالماء المتـنجّس والصلاة بالثوب المتـنجّس
هو التعبّد ، ولو كان المراد من لفظة كلّ شيء نظيف هو التـنزيل ـ كما هو الظاهر من اللفظ ـ لكان اللازم أن
يقال بصحّة وضوئه وصلاته ، وأنه يلزم أن يعيد وضوءه للصلوات التالية .
ثانياً : إنّ في وسط الحديث فإذا عَلِمْتَ فقد
قَذُرَ وهذا يعني "إذا
علمت بنجاسة البدن أو الثوب فعليك أن تعيد صلاتك" ، لكن ورد في صحيحة زرارةَ
وغيرِها أنه في خصوص هذا الحكم لا يعيد الصلاة لأنّ شرط الصلاة هي الطهارة الأعمّ
من الواقعيّة والظاهريّة ، فنبقى في بقيّة الأحكام على عدم التـنزيل وعدم الإجزاء
، فبناءً على الجمع بين أوّل الحديث ووسطه نعرف أنّ المراد من كلّ شيء نظيف هو ( تـنزيل المشكوك
منزلة الطاهر في الجري العملي) فقط أي لا في كلّ الآثار الشرعيّة.
ثالثاً : إنّ الإكـتـفاء
بالطهارة الظاهريّة في الصلاة لا يعني أنه وسّع في مفهوم الطهارة الشرعيّة بنحو
الحكومة ، وإنما شرطُ الصلاة شرعاً هو الطهارة الأعمّ من الواقعيّة والظاهريّة ، وهذه الشرطيّة وردت في
بعض الروايات من قبـيل ما رواه في التهذيـبين بإسناده عن الحسين بن سعيد عن حمّاد(بن
عيسى) عن حريز عن زرارةَ ـ في حديث ـ قال قلت لأبي جعفر (ع)
: فإنْ ظنـنـت أنه قد أصابته نجاسة ولم أتيقَّن ذلك ، فنظرتُ فلم أرَ شيئاً ، ثم
صلَّيتُ فرأيتُ فيه ؟ قال (ع) : تغسله ولا
تعيد الصلاةَ
، قلت : ولِمَ
ذلك ؟ قال :
لأنك كنت على
يقين من طهارتك ، ثم شككتَ ، فليس ينبغي لك أن تـنقض اليقين بالشك أبداً ـ يعني
أنك اعتمدت على استصحاب الطهارة ، أي أنك صلّيتَ بناءً على الطهارة الظاهريّة وهذا
يكفي في الطهارة في البدن واللباس في الصلاة ـ [49]صحيحة السند ، ولولا
هذه الصحيحةُ وغيرُها لما تجرّأ فقهاؤنا على القول بصحّة صلاةِ مَن صلّى بثوب متـنجّس
واقعاً طاهرٍ ظاهراً إعتماداً على ظهور كلّ شيءٍ نظيفٌ في مطلق التـنزيل ، ولقالوا ـ كما يقولون في باب الأمارات ـ
بوجوب إعادة الصلاة . ولذلك يجب القول بأنّ المراد من كلّ شيء نظيف هو التـنزيل بلحاظ
الجري العملي ـ أي التـنجيز والتعذير ـ لا أكثر ، كما لو شككتَ في نجاسة طعام أو
شراب فلك أن تبني على طهارتهما ، ولا دليل على أنّ قاعدة الطهارة تريد توسعة
الطاهر الواقعي أصلاً كما هو الحال في (لا
[49]
جامع أحاديث الشيعة ج 2 ب 23 من أبواب النجاسات ح 1522 ( 5 ) ص 136 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 83