اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 828
أقول : ما ذكره السيد
الشهيد من إشكال على صاحب الكفاية صحيح ولا شكّ فيه ، بل يكفي أن نَرُدَّ على صاحب
الكفاية بأنه طالما نحن لا ندري أيهما هو السابق ، إذن نقول لك بما أنّ الإستصحابَين
لا يصحّ جريانُهما ـ لأنّ أحدَهما كاذبٌ قطعاً ـ إذن فارجع إلى قاعدة الطهارة في
ماء الخزّان .
وبتـفصيلٍ أكـثر : إنه في حال الجهل
بكلا التاريخين ـ ساعة صيرورة الماء كرّاً وساعة وقوع الثوب المتـنجّس في ماء الخزّان
ـ فالإحتمالاتُ ثلاثة : فإمّا أن سبقَتْ كريّةُ الماء ، وإمّا أن سبقَتْ الملاقاةُ
، وإمّا أنهما تقارنا زماناً تماماً ـ وهو أنه وقع عندما صار الماء كرّاً تماماً
وفي نفس اللحظة وقع الثوبُ المتـنجّس ـ ولازمُ هذا التقارنِ الطهارةُ ، ولا احتمال رابع ، فالإستصحابان
الأوّلان لا يجريان ـ كما قلنا سابقاً من عدم إمكان ذلك ثبوتاً ، فإنّ العاقل لا
يقول أجْرِ الإستصحابَين بنحو الإطلاق ثم أسقطهما في موضع التعارض والتكاذب ـ ، والمرجعيةُ ح
إلى قاعدة الطهارة أيضاً بلا شكّ . وأمّا في حال معلومية أحد الحادثين وجهالة زمان
الآخر ، فلا شكّ كما قلنا سابقاً في جريان الإستصحاب في خصوص المجهول الزمان ،
وعدمِ جريانه في معلوم الزمان ، وهذا ما عليه كلُّ أو جلّ علمائنا .
إذَنْ ، المسألةُ أسهل ممّا
يُتصوّر ، لكنـنا ذكرناها لأسبابٍ لا تخفى على أحد ، ومن جملة الأسباب أنّ هذا
الكتاب هو للدراسة ، فينبغي أن يعرف الطالبُ معنى العنوان المذكور في بداية البحث
على الأقلّ ، أرجو لمن بَعدي أن لا يُتلِفَ وقتَه على هكذا مسائل كما أتلفناه نحن
، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم .
* * * * *
4 ـ الإستصحاب في الاُمور
التدريجيّة :
وخلاصتُه أنه يصحّ استصحابُ بقاء
القطعة الزمانية كالفجر ، وهو استصحاب موضوعي ، ولا يصحّ استصحابُ الزمانيّات وهي
الحركات لأنها متصرّمة وحادثة ومتصرّمة وحادثة بشكل مستمرّ ... بـيانُ ذلك :
المستصحَبُ إمّا أن يكون من الأمور
القارّة ـ كطهارة الثوب ـ وهذا يجري الإستصحابُ فيه بلا شكّ ولا خلاف ، لأنّ
الطهارة في حالة اليقين السابق هي عين الطهارة في فترة الشكّ ، وإمّا أن يكون من استصحاب
بقاء قطعة زمانية ـ كما في استصحاب بقاء الليل والنهار ـ وهذا يجري فيه الإستصحابُ
بالإجماع لأنه يُعتبَرُ ـ عرفاً ـ قطعةً واحدة وإن كان الزمانُ سيّالاً ، وإمّا أن يكون من استصحاب
بقاء الزمانيّات ، وهي حركات الماديّات السيّالة الوجود زمنيّاً ، كخروج الدم من
الجرح ، وكنزول المطر من السماء ، وكمَشي الشخص . فالمراد من الحركات هنا هي ما تكونُ
موجودةً في مادّة ، وهذه الحركة سيّالةُ الوجود زمانيّاً ، تحدث وتـتصرّم فوراً ،
ثم تحدث وتـتصرم .. وهكذا ، فهي لا بقاء لها حتى نَستصحِبَ
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 828