responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 791

مثال آخر : إذا بنينا على طهارة مدفوع حيوانٍ شَكَكْنا في كونه مأكولَ اللحم ـ كي يكون مدفوعُه طاهراً ـ أو محرّمَ الأكل ـ كي يكونَ مدفوعُه نجساً كالسباع ـ بناءً على أصالة الطهارة وقاعدتها فإنه ليس لنا أن نبنيَ على حِلّيّة أكله بذريعة الملازمة بين بنائـنا على طهارة مدفوعه وحِلّيّة أكْلِه شرعاً ، وذلك لأنّ قاعدة الطهارة تـفيدنا جوازَ البناءِ على الطهارة وما يترتّب على الطهارة من آثار شرعية كجواز شرب الماء الذي بنينا على طهارته ، ولا تـفيدنا البناءَ على اللوازم التكوينيّة للطهارة من حِلّيّة أكله ، وذلك لأنّ حِلّيّة الأكل مترتّبةٌ على نفس الحيوان ، لا على طهارة مدفوعه ، أي أنّ حِلّيّة الأكل من لحم هذا الحيوان ليست من آثار طهارة مدفوع هذا الحيوان ، وإنما حِلّيّةُ الأكل هي من آثار نفس الحيوان وجنسه وتذكيته ، فلو أردنا أن نُـثْبِتَ حِلّيّةَ الأكلِ يلزم علينا أن نُـثْبِت جنسَ الحيوان أوّلاً ، ثم يترتّب على جنس الحيوان وتذكيتِه حِلّيّةُ أكله ، وطهارةُ المدفوع تعبّداً لا تُـثْبِتُ جنسَ الحيوان ولا تذكيتَه ، أي أنّ قاعدة الطهارة لا تـُثبِتُ آثاراً غير شرعيّة . وأنت تعلم أنه ليس للمولى تعالى أن يتعبّدنا بغير الآثار الشرعية في الأصول العمليّة .. سواءً كان للأثر العقلي أثرٌ شرعي أم لم يكن .

فإن قلتَ : كيف تقول هذا الكلامَ وأنت بنفسك تقول بأنّ المولى تعالى نزّل مشكوكَ الطهارة منزلة الطاهر الواقعي ؟!

قلتُ : هذا التـنزيل المصرّحُ به في موثّقة عمّار الساباطي إنما هو بلحاظ الآثار الشرعيّة فقط ، فمَن صَلّى بثوب طاهرٍ ظاهراً ـ أي قد نزّله المولى تعالى منزلةَ الطاهرِ الواقعي ـ تكون صلاتُه صحيحةً واقعاً ، ويكون طوافه صحيحاً واقعاً ، ولكنْ هذا التـنزيلُ لا يُفيدنا إثباتَ أنّ جنس الحيوان هو من مأكول اللحم وأنه قد ذُكِّيَ .

مثالٌ ثالث : لو أطلق شخصٌ رصاصةً على المؤمن من بعيد ، وهَرَبَ ، ولم يَدْرِ بعد ذلك أبداً هل أنّ المؤمن قد تحرّك من مكانه قبل وصول الرصاصة إليه فتخلّص من القتل أم بقي في مكانه فقتلته الرصاصةُ ؟ فإنِ استصحبتَ بقاءَه في مكانه فعليك أن ترتّب على مُطْلِقِ النارِ كلَّ آثار القتل ، مِنَ القَوَد والكفّارة ، ولكن لا أحدَ من الفقهاء يوجب القود أو الدية والكفّارة على مُطْلِقِ الرصاصةِ ، أي أنهم لم يستصحبوا بقاءَه في مكانه كي يرتّبوا على ذلك الديةَ والكفّارة ، ومعنى ذلك أنّ لوازمَ الإستصحاب ـ وهي بقاؤه في مكانه ثم دخول الرصاصة في بدنه ثم حصول موته ـ لا تَـثبُت . ودليلُهم على هذا هو أنّ التعبّد بالإستصحاب هو أمْرٌ تعبّدي محض ، ولم يكن لكاشفيّته ـ كما كان الحال في الأمارات ـ فيجب الإقتصارُ على القدر المتيقّن من التعبّد ، بل هذا هو مقتضى العقل والعرف أيضاً ، ولذلك علينا أن نستصحب

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 791
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست