اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 783
أجل ذلك ، فإنك أعرته
إيّاه وهو طاهر ، ولم تستيقن أنه نجّسه ، فلا بأس أن تصلّيَ فيه حتى تستيقن أنه نجّسه [783] فإنك ترى أنّ المراد من
الإستصحاب ليس إلاّ البناءَ على بقاء الحالة السابقة ـ حتى ولو لم يكن الشكُّ
فعلياً ـ وهو أمر فطري واضح . وبتعبـيرٍ آخر : المهمُّ هو أنْ لا يَنقضَ اليقينَ بمجرّد
الشكّ وإنما يـبني على بقاء الحالة السابقة ، وهذا هو المراد من قاعدة الإستصحاب
.
* * * * *
(3)
وأمّا الركن الثالث فهو وجود أثر شرعي
وذلك لأنّ الإستصحاب يتقوَّمُ عقلاً
بلزوم انـتهائه مباشرةً إلى أثرٍ شرعي منجَّز ، إذ لو لم يترتب أثرٌ شرعي منجَّز مباشرةً
على التعبد الإستصحابي لكان لغْواً ، ولذلك كانت أدلّةُ الإستصحاب منصرفةً عقلاً
وعرفاً إلى حالة وجود أثر شرعي منجَّز ، إذ لو لم يوجَدُ أثرٌ شرعي منجَّز لكان
هذا التعبّد لَغْوياً قطعاً ـ كما لو استصحبنا بقاءَ الحائطِ حائطاً ـ إذ حينما
تستصحب طهارةَ الثوب ، فإنه يوجد أثرٌ شرعي لهذا الإستصحاب ، وهو ما يترتّب على بقاء
طهارة الثوب من صحّة الصلاة به ، وما يترتّب على هذا الحكمِ الظاهري بطهارة الثوب
هو الأثر الشرعي . وبتعبـيرٍ آخر ، الحكمُ الظاهري بالطهارة أو النجاسة هي أحكام
شرعية موضوعية بالإجماع ، على أنـنا حينما نعتبر الثوبَ طاهراً فهذا يعني جوازَ
الصلاة به ، (جوازُ الصلاةِ به) هو أثرٌ شرعي ، إذ ليس المراد من الأثر الشرعي
إلاّ التـنجيز والتعذير ، سواءً كانا شرعيين أو عقليين ، فحينما يستصحب ولدُُك
عدمَ بلوغه فإنّ الأثر الشرعي يكون براءةَ ذمّته من التكاليف الشرعيّة الإلزامية
عليه ، براءةُ الذمّة هنا هي أثرٌ عقلي لأنها تعني التعذير . وبتعبـيرٍ آخر ، (عدمُ
البلوغ) ليس أثراً شرعياً بحدّ ذاته ، وإنما هو موضوعٌ لأثرٍ شرعي ، والأثرُ
الشرعي هو براءة الذمّة عقلاً وشرعاً ... وهكذا في كلّ الأمثلة .
المهم هو أنّ المرادَ من
(الأثر الشرعي) هو خصوص الحكم الشرعي التكليفي المنجَّز علينا ، فحينما يَثبُتُ عندنا
مثلاً أنّ (الصلاة واجبة) ، لا يكون هذا الحكم الشرعي منجَّزاً علينا حتى تزول
الشمسُ ويعلمَ المكلّف بحصول مقدّمات الوجوب ، حينـئذٍ يصير هذا الحكمُ الشرعي
الكبروي منجَّزاً علينا ، وإلاّ لا تكون قضيةُ (الصلاة واجبة) حكماً شرعياً
منجّزاً علينا ، وإنما تكون جَعْلاً شرعياً كُبروياً لا غير . و "الحكمُ
الشرعي الموضوعي" هو الشرطُ والموضوع الشرعي للحكم الشرعي التكليفي ـ كطهارة الماء فإنها
موضوع شرعي لجواز شرب هذا الماء لأنك تقول "إنْ كان الماءُ طاهراً فإنه يجوزُ
شربُه" ـ أو
شرط متعلّق الحكم