اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 782
* فرعٌ في جريان الإستصحاب عند الشكّ التقديري
ومثالُه ما لو عَلم بالطهارة
سابقاً ، وصلّى وهو غافل عن الشكّ وعن استعمال قاعدة استصحاب الطهارة ، لكنه لو
التـفت لاستصحب الطهارة بلا شكّ .
لا شكّ أنك تعلمُ بأنّ الأحكام
الظاهريّة إنما تُجعل لكي ينجَّز بها أو يعذَّر ، وهذا الأثر لا يحصل في حال غفلة
المكلّف ، بل لا يمكن حصولُ التـنجيز والتعذير في حال الغفلة ، وذلك لأنه لا يمكن
أن يقال للغافل إستصحبِ الطهارة ، فعلى هذا الأساس قال بعضهم[782] إذن كيف ستكون صلاتُه
صحيحةً مع غفلته عن إجراء استصحاب الطهارة ؟! وهذا وجه ثبوتي ، والوجهُ الإثباتي
هو أنّ صريح الأدلّة ـ كصحيحة زرارة ـ هو أخْذ الشكِّ وإجراءِ الإستصحاب في موضوع
الأدلّة الظاهريّة ، وظاهرُ أخذ شيء في موضوع الحكم هو وجوده الفعلي ، لا وجودَه التقديري
، فلو قال لك المولى "أكرمِ العالِمَ" فظاهرُه إرادةُ العالِمِ الفعلي ،
لا العالِمَ التقديري الذي تعلم أنه سيصير عالماً بعد عشرين سنة مثلاً .
أقول : أمّا ثبوتاً فصحيح أنه لا يمكن أن
يقال للغافل "إستصحبِ الحالةَ السابقة" ، ولكن ليس المراد من الإستصحاب
هو ذلك ، وإنما المراد منه هو البناء على الحالة السابقة لا غير ، والغافلُ لو
التـفت لكان اللازم عليه أن يـبنيَ على الحالة السابقة ، ولا مانع عقلائيّاً من
وجود حكم شرعي ظاهري يتعبّدنا بالبناء ـ بعد الإلتـفات وبعد انـتهاء الصلاة ـ على
بقاء الحالة السابقة من الطهارة مثلاً وبالتالي يترتّب على ذلك حُكمُ العقلِ بصحّة
الصلاة التي أتى بها قبل الإلتفات إلى استصحاب الطهارة .
وأمّا إثباتاً ، فإنك تفهم من الروايات
أنّ المراد من الإستصحاب ـ بحسب فَهْمِ روحيّة
الإستصحاب من الروايات ـ هو البناء على بقاء الحالة السابقة ، وهذا المرادُ لا
يفرق فيه الحالُ بين أن يكون الشكُّ والبناءُ على بقاء الحالة السابقة فِعلياً أو
تقديرياً
، لاحِظْ قولَه t
لا ، حتى
يستيقن أنه قد نام ، حتى يجيئ من ذلك أمرٌ بَـيِّنٌ ، وإلا فإنه على يقين من وضوئه
،وقولَه (ع)
في صحيحة عبد الله بن سنان الذي يقول فيها : سأل أبي أبا عبد الله (ع)
وأنا حاضر : إنّي اُعير الذمّيَّ ثوبي ، وأنا أعلم أنه يشرب الخمرَ ويأكلُ لحمَ
الخنزير ، فيردّه عليّ ، فأغسله قبل أن اُصلّيَ فيه ؟ فقال أبو عبد الله : صَلِّ فيه ، ولا تغسلْه
من
[782]
راجع كلامَ المحقّق الخراساني في الكفاية ج 2 ص 308 من طبعة تعليقة المشكيني ،
وحاشيةَ المحقّق الخراساني على فوائد الاُصول ص 174 ـ 175 من طبعة مكتبة بصيرتي ،
وفوائد الاُصول للمحقّق الإصفهاني ج 4 ص 317 ـ 318 من طبعة جماعة المدرّسين ،
وأجود التقريرات ج 2 ص 350 ـ 351 ، ونهاية الدراية ج 5 ص 127 من طبعة مؤسّسة آل
البـيت (ع) .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 782