اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 738
بل عليه أن يرجع بعد زوال الإعتقاد
اليقيني إلى ما تقتضيه الأصولُ العمليّة بالنسبة إلى الآثار المترتبة عليه سابقاً
ولاحقاً" (إنـتهى بتصرّف قليل للتوضيح) ، وما قاله صحيحٌ لا شكّ فيه .
وقد تقول : بل يجب أن نـتمسّك
بأصالة الفراغ لنبنيَ على صحّة يقينـنا السابق ، ففي صحيحة محمد بن مسلم عنأبي عبد الله tأنه قال : إذا
شكّ الرجلُ بعدما صلّى فلم يَدرِ أثلاثاً صلّى أم أربعاً وكان يقينُه حين انصرف
أنه كان قد أتمّ لم يُعِدِ الصلاةَ ، وكان حين انصرف أقربَ إلى الحقّ منه بعد ذلك [740]، وفي موثّقة بُكَير بن
أعيَن قال قلت له : الرجل يشكّ بعدما يتوضّأ ؟ قال : هو حين يتوضّأُ أَذْكَرُ
منه حين يَشُكّ[741].
فنقول : يمكن ذلك ، ولكن
يصعب التأكّدُ من شمول روايات الفراغ لهكذا حالة ، وذلك لعدم وضوح نظر روايات
الفراغ إلى صحّة اليقين أيضاً ، لأنّ الروايات ناظرة إلى صحّة العمل ، ولم يَثبُت
نظرُها إلى لزوم البناء على صحّة اليقين أيضاً ، وبالتالي يَصعب البناءُ على صحّة
اليقين السابق وعلى صحّة موضوعيّةِ مقدّماته .
3 ـ
قاعدة المقتضي والشكّ في المانع
وموردُها أن يتعلق اليقينُ
بوجود المقتضي للتأثير ، ويتعلق الشكُّ بوجود مانع من التأثير ، فيكون متعلق
اليقين غيرَ متعلق الشك . ومثالُه ما إذا صبـبنا الماءَ لتحصيل الطهارة من الخبث
أو الحدث مثلاً ، وشككنا في تحقق الغَسل لاحتمال وجود مانع ـ أي حاجب ـ من وصول
الماء ، فمتعلَّقُ اليقين هو صَبُّ الماء على الجسم المتـنجس ، وهو مقتضٍ لحصول
الطهارة ، ومتعلقُ الشك هو وجود مانع من وصول الماء إلى الجسم ، وبالتالي يحصل شكّ
في أصل حصول الطهارة ، فإذن عندنا شكٌّ في أصل تحقّق الطهارة الماديّة أو الوضوء
أو الغُسل ، بخلاف الإستصحاب ، الذي نعلم فيه بتحقّق الفعل ـ الغَسل أو الوضوء أو
الغُسل ـ وإنما الشكّ هو في حصول ما يرفعه ، والبناءُ العقلائي يؤيّد الإستصحابَ ،
لأنهم يرَون أنّ الأصل في الشيء ـ كالطهارتين الماديّة والمعنويّة ـ بقاؤه ، ولكنه
لا يُعلم أنّ العقلاء يؤيّدون أصالةَ عدم وجود المانع ، لِيـبْنُوا على تحقّقِ
المعلول .
[740]
ئل 5 ب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 3 ص 343 .