اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 736
وكذلك الأمر تماماً في مسألة
الإستصحاب ، فإنها يجب أن تُبحث في علم الاُصول ، ولا محلّ لها إلاّ هو . مثال ذلك
: قد تـنقَى المرأةُ مِنَ الحيض ، فيَحصَل شَكٌّ عند المجتهد هل يُفتي بجواز وطئها
من دون حاجة إلى الإغتسال ، أو يجب أن تغتسل قبل الوطء ؟ فإنْ تَوَصََّّل
الاُصوليُّ في علم الاُصول إلى جريان الإستصحاب في الشبهات الحكميّة فإنّه سيَستخدم
هذه الكبرى في الفقه ، ويَستـنبط منها حرمةَ الوطء قبل الإغتسال . إذن يجب أن
تُبحث هذه المسألةُ في علم الاُصول لهذا الإحتمال ، حتى وإن وصل بعضُنا إلى نـتيجة
نهائيّة وهي عدم صحّة جريانه في الشبهات الحكميّة ، ولذلك نقول : مسألة حجيّة
القياس هي مسألة اُصوليّة أيضاً ، رغم قولنا بعدم حجيّة القياس ، لكن أين نقول
بعدم حجيّة القياس ؟ إنه علم الاُصول .
* * *
* *
* البحث
الرابع : وهو في القواعد المشابِهة للإستصحاب
1 ـ
قاعدة الإستصحاب القهقرائي
وهو استصحاب عقلائي واضح عند
العقلاء لكنْ في خصوص اللغات ، ولم أجِدْ له مورداً يَحتج به العقلاءُ إلاّ موردَ الشكّ
في تغيُّر اللغةِ عَمّا كانت عليه في الزمان القديم ، ولك أن تسمّي هذا الإستصحاب
بـ (أصالة
الثبات)
. ومنشأ هذا الوضوح عند العقلاء رؤيتُهم ثباتَ اللغة وعدمَ تغيّرِها ، وأنّ
تغيّرها يكون بطيئاً جداً ، وهذا التغيّر البطيء لا يؤثّر بنظر الناس على بقاء فهم
اللغات القديمة . وهذا الإستصحاب في الحقيقة هو غير الإستصحاب المعهود بـينـنا ـ
أي الذي يكون فيه اليقينُ في الزمان السابق والشكّ في الزمان اللاحق ـ ،
فالإستصحاب القهقرائي ـ أي الذي يكون فيه اليقينُ في الزمان اللاحق والشكّ في
الزمان السابق ـ أمارةٌ عقلائيّة ، لأنه مبنيّ على الإطمئـنان بـبقاء اللغة
القديمة على معانيها التي نفهمها نحن في زمانـنا هذا ، وأمّا الإستصحاب المشهور
عندنا فهو أصل تعبّدنا الله تعالى به .
المهم هو أنّ هذا الإستصحاب
القهقرائي ليس بحجة شرعاً ولا عقلاً لعدم الدليل على حجيّته ، إلا في مورد واحد ،
وهو موردُ إثبات بقاء اللغة نفسِها من العصر القديم ، كما إذا علمنا فِعلاً بدلالة
كلمة (الصعيد) اليوم على مطلق وجه الأرض ، وشككنا في دلالتها على ذلك في زمان
التشريع ، فنُـثْبِتُ ذلك بهذا الإستصحاب ، ولولا حجيّةُ هذا الإستصحاب القهقرائي لما
أمكن الإستـنباطُ اليومَ .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 736