اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 731
الباري تعالى ، فإنه لا ماهيّة له
، لأنه لا حدود لوجوده ، ولذلك تراهم لا يقولون ماهيّة الله جلّ وعلا ، وإنما
يقولون هويّة الله ، أي حقيقته .
هذا ، ولكنك عرفتَ سابقاً وستعرف
بعد قليل إن شاء الله أنّ المستصحَب الحقيقي هو الحالة السابقة ـ كالطهارة ـ وليس عدمَ
طروء عارض ـ كالنجاسة ـ على الشيء .
* * *
* *
* البحث
الثاني : في سبب تشريع الإستصحاب
السؤالُ هنا هو : ما هو
الملاك والسرّ في تشريع الإستصحاب ؟ فنقول :
لا شكّ في أنّ أدلّة الإستصحاب
تفيدنا بصراحة أنّ المولى تعالى جَعَلَ الإستصحابَ جرياً مع الوجدان الإنساني ، بل
جرياً مع الفطرة الحيوانيّة أيضاً ، فهو وجدانيٌّ منشأً ـ لأنّ فيه كاشفيّةً ولو
ضعيفة ـ تعبّديٌّ امتداداً ، فينبغي للإنسان السويّ أن يـبقَى ـ في الشرعيّات ـ
على يقينه السابق حتى يَثبُتَ له تغيّرُ الحالةِ السابقة ، لاحِظْ ما يقولُه
الإمامُ الباقر (ع) لزرارة ..
لا ، حتى يستيقنَ أنه قد نام ، حتى يجيئ من ذلك أمْرٌ بَـيِّنٌ ، وإلاّ فإنّه على
يقينٍ مِنْ وضوئه ، ولا تـنقضِ اليقينَ أبداً بالشك وإنما تـنقضه بـيقين آخر فالإمامُ (ع)
يَستدلّ على لزوم البناء على الحالة السابقة بكون هذا البناء أمراً فطرياً
واضحاً
عند العقلاء ، هذا أوّلاً ، وثانياً : تلاحظُ مِن هذا البناءِ أنّ الإستصحاب هو أصلٌ
عمليٌّ ـ وليس أمارةً تـُثبِتُ لوازمَها ومثبَتاتِها التكوينيّة ـ لأنه ليس فيه
حكايةٌ عن الواقع ، أي هو لا يَدّعي الحكايةَ عن الواقع ، كما كان الحال في خبر
الثقة وسوق المسلمين واليد .
إذَنْ ، مَنشأُ الإستصحابِ
الكاشفيّةُ العقلائيةُ والفطرة ، لكنْ هذه الكاشفية العقلائية لا تقتضي تشريعَ
الإستصحاب بنحو الإستغراق والشمول لكلّ حالات الكاشفيّة ـ أي حتى مع الظنّ القويّ
بتغيّر الحالة السابقة ـ إذن فالشارعُ المقدّسُ وسّع التعبّدَ بالإستصحاب حتى صار
شاملاً لكلّ حالات الكاشفيّة المذكورة ،
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 731