اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 72
بلحظة ، وهي أقلّ
مدّةً في الزمان والتي هي أقلّ من ثانية ـ أي لا بنحو التدريج كما هو عندنا نحن
الناس .
ثم إذا شاء
أنزله على قلب رسوله الأكرم w، وهذا يكون في عالم الإثبات ، أي الإظهار .
ثم بعد ذلك ، إذا
تحقّقت شرائط فعليّة الحكم الواقعي ـ كالزوال بالنسبة إلى صلاة الظهر ، والإستطاعةِ
بالنسبة إلى الحجّ ـ صارت صلاةُ الظهر عليه واجبةً فعلاً وصار الحجُّ عليه
واجباً فعلاً . هذه الأحكامُ الفعليّة ليست شرعيّة ، وإنما هي عقليّة فقط ، والشرعيّةُ هي
الأحكام الموجودة في عالم الجَعْلِ فقط .
ثم إذا عَلِمَ المكلّفُ
بالحكم وبتحقّق مقدّماته صار الحكمُ عليه منجّزاً ، كما لو علم بتحقّق
الإستطاعة . فإذا صار الحكم عليه منجّزاً فهذا يعني أنه صار واجبَ الامتـثال ، فإن
لم يمتـثل فإنه يستحقّ العقاب . وهذا الحكم المنجّز ، أيضاً ليس شرعيّاً ، وإنما
هو عقليّ بحت .
ثم إنّ من
الأحكام الشرعية الواقعية ما يكون ناظراً إلى الموضوع بحدّ ذاته ، ومنها ما يكون
ناظراً إلى عناوينَ عامّةٍ كالضرر والحرج ، فالجنابةُ سببٌ لوجوب الغسل ،
والضررُ سببٌ لتحريم الإغتسال ، فبما أنّ الضرر هنا أهمّ من الإغتسال حرّم اللهُ
الإغتسالَ الضرري ، ولو كان الأمرُ مبنياً على الضرر ـ كالجهاد والخمس والزكاة ـ
كان الحكم الأوّلي ـ أي الناظر إلى نفس الموضوع ـ أهمّ ، ولذلك وجب الجهادُ رغم
الضرر المتوقّع منه .
وهنا ملاحظةٌ مهمّة وهي أنّ مؤدّيات
الأمارات لا فعليّة فيها ـ كالأصول العمليّة تماماً ـ إنْ هي إلاّ منجّزة ومعذّرة
، فلو أفادتـنا الأمارات أنّ (السورة بعد الفاتحة واجبة) (جلسة الإستراحة واجبة)
(الخمر نجس) فإنّ هذه الأمارات لا تخلق عندك الفعليّةَ ، طالما أنت لم يحصل عندك عِلْمٌ
بكون مؤدّى هذه الأمارات هي أمور واقعيّة قطعاً ، ولذلك لا يمكن لك أن تـقول (إنّ
وجوب السورة بالنسبة لي فِعْلِيٌّ رغم عدم عِلْمي بالواقع وذلك بدليل مجيء أمارة
معتبرة في ذلك) ، وإنما يحصل تـنجيزٌ وتعذير لا أكثر ، أو يحصل عندك عِلمٌ تعبّدي
بذلك ـ على مسلك الطريقيّة ـ .
(8) واعلمْ أنّ
الخطابات الشرعية مثل[ اَقِيموا الصلاةَ وآتُوا الزكاةَ ] ليست أحكاماً شرعيّة ، وإنما
هي خطابات شرعيّة ، كاشفةٌ عن الأحكام الشرعيّة ، ذلك لأنّ الأحكام الشرعية في
عالم الجعل هي بنحو الجمل الخبريّة ، لا بنحو الجمل الإنشائيّة ، وذلك لأنـنا لا
نطّلع عليها ـ وهي في عالم الجعل ـ فلا معنى للخطاب فيها .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 72