responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 719

 

تقليد المفضول غيرُ معلوم الحجيّة في حالة مخالفته لفتوى الفاضل ، كما لا يتردّد العقلُ بين اتّباع الظنّ المعتبر واتّباع الظنّ الغير معلوم الإعتبار ، فإنّ الأصل مع الشكّ في الحجيّة هو عدم الحجيّة .

مثال ثانٍ : لو كان العامّيُ مقلّداً لمجتهدٍ ، فهل له أن يَعْدِلَ عنه إلى مجتهد آخر مساوٍ له من جميع الجهات ؟

ذهب غيرُ واحد إلى حرمة العدول في التقليد من مجتهد إلى مجتهد آخر مساوٍ له من جميع الجهات ، واستدلّوا على ذلك بأنّ هذه الحالة هي من باب دوران الواجب بين التعيـين والتخيـير العقلي ، وفيها لا يُجَوِّزُ العقلُ العدولَ إلى غيره المساوي له ، وذلك لأنّه مردّد بين التعيـين ـ وهو البقاء على تقليد الأوّل ـ والتخيـيرِ بـينهما ، والعقلُ يحكم في هكذا حالة بالتعيـين ، وذلك لحصول اليقين بالبراءة بتقليد الأول ، والشك في البراءة بتقليد الثاني . وبتعبـير آخر : نحن نشكّ في أصل حجيّة تقليد الثاني في هكذا حالة .

ونحن نعتقد بجواز العدول ، كما كان الحال قبل تقليد الأوّل ، رجوعاً إلى حكم العقل بـبقاء جواز أصل التخيـير بـينهما ، بعد عدم وجود أيّ مرجّح للبقاء على تقليد الأوّل ، فهذه الحالة لا تعيين فيها ، وإنما يـَبقَى التخيـيرُ العقلي ، إلاّ إذا علم المقلّد ببطلان العمل واقعاً مع عدوله إلى المرجع الثاني ، كما لو صلّى الظهرَ مثلاً قصراً وعَدَلَ إلى المرجعِ الثاني في صلاة العصر فأمَرَه بالتمام ، فهو يعلم بـبطلان إحدى الصلاتين واقعاً ، ففي مثل هكذا حالة لا يصحّ العدولُ عقلاً ، لا من جهة بطلان العدول ، وإنما لعِلْمِ المقلِّدِ بـبطلان إحدى الصلاتين واقعاً .

مثال ثالث : أنت تعلم أنه "لا صلاة إلاّ بطهور" ، فلو كان عندنا قليلٌ من الماء ، وعندنا نجاستان ، في البدن نجاسةٌ ، وفي اللباس نجاسةٌ ، ولا يكفي الماءُ لتطهير كلتا النجاستين ، فماذا نطهّر في هكذا حالة ؟

لا شكّ في أنه في هكذا حالةٍ يَحكم العقلُ بتقديم تطهير البدن ، لأنه ألصق بالمصلّي من ثيابه ، بل هو جزء منه ، فهو المتعيّن ، والتخيـيرُ بين تطهير الثوب وتطهير البدن لا يقول به عاقلٌ .

والخلاصةُ هي أنّ مسألة دوران الأمر بين التعيـين والتخيـير العقلي ترجع إلى الشكّ في تحقّق الإمتـثال والطاعة للمولى تبارك وتعالى ، والمجرَى فيها ـ عند الشكّ والتردّد ـ هي لأصالة الإشتغال والإحتياط دائماً ، ولا تجري فيها الاُصولُ الترخيصيّةُ أصلاً . ولا شكّ أنّ ما ذكرناه مسلّمٌ بين العلماء [732] .

* * * * *


[732] راجع منـتهى الدراية ج 5 حاشية 3 ص 611 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 719
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست