اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 697
شرطاً في الصلاة أو مانعاً أو
قاطعاً لها ، فنـتيجةُ ذلك حصولُ عِلمٍ إجمالي إمّا بكون المركّب مقيَّداً بوجود
ذلك الشيء وإمّا بكونه مقيَّداً بعدمه ، وهذا العلم الإجمالي منجّزٌ قطعاً ، وتـتعارض
أصالةُ البراءة عن الجزئية مع أصالة البراءة عن المانعية ـ لو قلنا بجريان البراءة
في هكذا حالات ـ فيجب على المكلفِ الإحتياطُ بتكرار العمل ، مرةً مع الإتيان بذلك
الشيء ومرةً مِن دونه ، هذا فيما إذا كان في الوقت مُتَّسَعٌ ، وإلا وجب عقلاً
العملُ بالظنّ لما مرّ في دوران الأمر بين المحذورَين سابقاً ، وذلك بالإقتصار على
الوجه المظنون . وبتعبـيرٍ آخر ، الشكُّ في وجوب السورة أو حرمتها إن كان في متّسع
من الوقت فالدوران يكون دوراناً بين متباينين ، وإن كان في ضيق الوقت فالدوران
يكون بين محذورين .
ولا فرق فيما ذكرنا بين ما لو
دار الأمر بين كون الشيء جزءً أو شرطاً من جهة أو كونه قاطعاً أو مانعاً من جهة
اُخرى ، كما لو تردّد أمْرُ الإستعاذةِ ـ بعد تكبـيرة الإحرام ـ هل هي جزء واجب أم
قاطع ومُبْطِلٌ للصلاة ، لأنه أيضاً هو تردّد بين المتباينَين ، وكذا لو تردّدنا
في الجهر في صلاة ظهر يوم الجمعة بين كونه شرطاً أو مانعاً أو قاطعاً .
* ومن الخطأ الواضحِ اعتبارُ هذا
البحث من (دوران الأمر بين المحذورَين) إذ أنّ الجهر في ظهر يوم الجمعة ليس
مردّداً بين الوجوب والحرمة ، وإنما هو مردّدٌ ـ في سعة الوقت ـ بين كونه شرطاً من
جهةٍ أو قاطعاً أو مانعاً من جهةٍ اُخرى ، فيمكن إذَنْ تكرارُ الصلاة ، يعني أنك
إن كنت في سعةٍ من الوقت فأنت لست مردّداً بين وجوب الجهر وحرمته ، أو قُلْ أنت لست
مردّداً بين وجوب الإخفات وحرمته ، وذلك لِعِلْمِنا بعدم حرمة الجهر في هذه الصلاة
وبعدم حرمة الإخفات فيها ، وإنما أنت تعلم بـبطلان إحدى الصلاتين لا أكثر ، وفرقٌ بين
البطلان والحرمة .
نعم في ضيق الوقت تكون قراءةُ
السورة بعد الفاتحة إمّا واجبةً وإمّا محرّمةً ، فهنا يتردّد الأمرُ بين المحذورَين
، فيتخيّر المكلّفُ ح بـينهما ، إلاّ إذا كان يَظنّ بأحدهما فيقدّم المظنون حتماً
، لحكم العقل بذلك .
* الفرق بين المانع والقاطع
ونمثّل لذلك بشروط الصلاة فنقول
: لا شكّ أنك تعرف شرطيّةَ الطهارة والإستقبال في الصلاة ، فوجود هذه الشرائط
مطلوبٌ فيها ، فلو خرج الريحُ فقد بطلت الصلاة ، وهذا يعني أنّ خروج الريح قد ألغَى
شرطاً مطلوباً في الصلاة . من هنا تعرف أنّ الشرط يكون داخلاً في الصلاة ، فإنِ
ارتـفع الشرط بخروج الريح مثلاً ، فإنّ الصلاة تبطل من باب فقدانها للشرط .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 697