اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 693
ويثبت على ضوء هتين المقدمتين اَنّ
العلم الإجمالي في المقام منجَّزٌ إذا كان الواجب عبادياً كما هو واضح .
والجواب : اِنّ البرهان
المذكور مردود صغرى وكبرى ، أمّا الصغرى فهو عدم تصوّر وجود علم إجمالي بـبـيانهم المذكور ،
لأنه إمّا سيأتي بالأقلّ أو بالأكثر ، وإمّا أنه سوف يـبني على الأقلّ أو على
الأكثر ، وعلى أيّ واحد من التصوّرَين لا يوجَدُ علمٌ إجمالي في البَين ، على أنّ
المصلّي إنما يصلّي ليحقِّقَ ما يريدُه منه المولى تعالى ، فهو في الحقيقة يريد
الإمتـثال ، فهو إن أتى بالجزء المشكوك فهو بارتكازه إنما يأتي به برجاء المطلوبـية
وليحقِّقَ الإمتـثالَ ، إذن يـبطل قول المبرهن (إنه قد يأتي بالأكثر لكنْ بداعي الأمر
المتعلق بالأكثر على وجه التقيـيد ، على نحوٍ لو كان الأمر متعلِّقاً بالأقلّ فقط
لما انبعث عنه) ، إذن لا عموم وخصوص من وجه في مقام الإمتـثال .
ونحن لنا تقريبٌ آخر لبـيان كون
النسبة بـينهما هي العموم الخصوص من وجه وهي أنْ تكون بين (البناء على الأقلّ) و (الإتيان
بالأكثر) ، فتكون جهةُ الإفتراق من جهة البناء على الأقلّ هي الإتيان بالأقلّ
بناءً على كون الأقلّ هو الواجب وذلك بدليل جريان البراءة عن الزائد المشكوك ،
وتكون جهةُ الإفتراق من جهة الإتيان بالأكثر هي الإتيان بالأكثر على وجه التقيـيد
كما مرّ قبل قليل ، ويكون محلّ الإلتقاء هو الإتيان بالأكثر برجاء المطلوبـية .
وأكبرُ الظنّ هو أنّ مقصود الشهيد الصدر هو ما ذكرناه ، فأقول : حتى على هذا الوجه
لا يوجَدُ علمٌ إجمالي عادةً ، وذلك لما قلناه قبل قليل من أنّ المكلَّف حينما
يكون بصدد العبادة فهو إنما يريد عبادةَ الله تعالى ، ولا يمكن عادةً ـ وهو يريد
عبادةَ الله ـ أن يأتيَ بالأكثر على وجه التقيـيد بحيث لو كانت العبادةُ هي الأقلّ
لما صلّّى .
وأمّا الكبرى فإنّ المصلّي يشكّ ـ
لا محالة ـ بين كون الواجب المركّب ـ في مرحلة الجعل ـ هو الأقلّ أو الأكثر ،
وكلامُنا في هذه المرحلة ، لا في مرحلة الإمتـثال ، إذن علينا معرفةُ الموقف في
حالة الشكّ في مرحلة الجعل ، هنا الكلام ، وليس الكلام في مرحلة الإمتـثال ، وقد
عرفتَ أنّه تجري في الزائد المشكوك أصالةُ البراءة .
*البرهان السادس : وهو يجري في
الواجبات التي اعتُبِرَتْ الزيادةُ فيها مانعةً ومُبْطِلَةً كالصلاة ، والزيادة هي
الإتيان بفعلٍ بقصد الجزئية للمركب مع عدم وقوعه جزءً له شرعاً . وحاصل البرهان اَنّ
مَن يشكُّ في جزئية السورة يعلم اِجمالاً اِمّا بوجوب الإتيان بها واِمّا بأنّ الإتيان
بها بقصد الجزئية مبطل ، لأنها إن كانت جزءً حقّاً وجب الإتيان بها ، واِلاّ كان
الإتيان بها بقصد الجزئية زيادةً مبطلة ، وهذا
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 693