اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 687
كلّها حلالُ الأكل حتى يثبت لك
حيوانٌ معيّنٌ أنه بعينه حرام الأكل فتدع أكله إذا ذكّيته . ولكنْ ليس للمقلّد أن يُجري
هذه الأدلّةَ لوحده لأنه ليس من أهل الخبرة في ذلك .
والخلاصة هي أنه لا شكّ في
جريان الاُصول المؤمّنة الشرعيّة في الشبهتين الحكميّة والموضوعيّة الكليّة ،
الوجوبـية والتحريميّة ، لكن بالنسبة إلى المكلّف يجب عليه أن يرجع في ذلك إلى
المجتهد لأنه هو المتخصّص في هذا المجال ، وهو العارف بجريان هذه الاُصول هنا وعدم
جريانها هناك ، فبَعْدَ معرفةِ فتوى المجتهد يطبّق العامّي ، وقد قلنا أكثر من
مرّة إنّ البراءة ترفع التـنجيز فقط ولا ترفع الفعليّة .
* * *
* *
التـنبـيه
الرابع
وهو في جريان
البراءة في المستحبّات المحتمَلة
لو وَرَدَ في بعض الروايات
الغير تامّة سنداً أو دَلالةً أو في بعض كلمات العلماء استحبابُ بعض الأفعال ،
وبالتالي حصل عندنا شكٌّ في الإستحباب الواقعي ، فلا شكّ في عدم جريان البراءة
العقليّة ولا الشرعيّة عمّا يُشَكّ في استحبابه ، ذلك لأنّ البراءة في الآيات
والروايات هي امتـنان على الناس ، ولا امتـنان في رفع التـنجّز عن الإستحباب
المحتمل ، بل لا معنى لذلك ، لا بل إنّ رفْع الإحتياطِ هو رفْعٌ للإمتـنان ، فهو
إذَنْ خِلافُ الإمتـنان ، ولذلك نقول : مَن أحبّ أن يأتي بمشكوك الإستحباب برجاء
الإستحباب فقد احتاط وانقاد ولذلك هو يستحقّ الثوابَ عقلاً ، لا بل يقول السيد الخوئي بأنّ "جعْلَ استحبابِ
الإحتياط مقطوع به ومسلّم به عند الطائفتين" ، سواءً كان المستحبّ المحتملُ
استقلالياً ـ كما لو شككنا في استحباب صلاة ليلة الرغائب ـ أم ضِمنيّاً ـ كما لو
شككنا في استحباب قول آمين بعد الفاتحة ، طبعاً لا بنيّة الجزئيّة ـ ، ومَن لم يحبّ
فهو بريء الذمّة من الأصل .
وكذلك أخبارُ (مَن بَلَغَ) تـفيدنا
استحبابَ الإحتياط والإنقياد بمعنى أنْ نأتيَ بالعمل برجاء الإستحباب الواقعي ، أي
حتى لو لم يكن هناك استحبابٌ واقعي فلا شكّ بأنّ أخبار (مَن بَلَغ) تـُثْبِتُ نفسَ
الثواب الواردِ في الروايات .
* * *
* *
بعدما انـتهينا من قاعدة البراءة وَجَبَ أن نَذْكُرَ بعضَ أهمّ تطبـيقاتها
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 687