اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 686
وفرْضِهِ غيرَ انحلاليّ ، فإنّه
عندئذ وإن لم يكن الشكّ شكَّا في التكليف إلاّ أنّه شكّ في سعة دائرة التحريك
المولويّ وضيقها ، فتجري البراءة" (إنـتهى بتصرّفٍ قليل) [710].
*أقول : بالتأمّل فيما
ذكرناه وذَكَرَه السيد الشهيد
تلاحِظُ أنّ كلّ موارد البراءةِ تَرجعُ إلى الشكّ في تحقّق موضوع التكليف الذي هو
عِلَّتُه ، وذلك بالبـيان التالي : قد يكون موضوع التكليف ـ كشُرْبِ الخمر ـ مشكوكَ الوجود
، فنشكّ في حرمة شرب هذا المائع المشكوكِ الخَمريّة ، وقد نشكّ بتحقّق الغناء
بالترتيل الفلاني ، فيجوز ح ترتيلُه واستماعه ، وقد تكون الشرائط العامّة أو
الخاصّة للتكليف مشكوكةَ التحقّق ـ كما لو شككنا في حصول البلوغ أو في تحقّق
الإستطاعة للحجّ ـ ، وقد لا يكون شرط ثبوت التكليف في العُهْدة ـ وهو صحّة الدليل
سنداً ودلالةً ـ متحقّقاً ، فيحصل شكّ في كون ملاك الحكم إلزاميّاً ، أي يحصل شكّ
في تحقّق موضوع التكليف ـ وهو الملاك ـ ، وبالتالي نشكّ في أصل وجود تكليف في
الواقع ، ففي كلّ هذه الحالات تجري البراءةُ بلا شكّ ولا إشكال .
وإنْ كان موضوعُ التكليف معلومَ
التحقّق ، كأنْ كان زيدٌ بالغاً عاقلاً عالماً بدخول وقت الفريضة ، وبالتالي
عَلِمَ بفعليّة وجوب الصلاة عليه ، ثم في أواخر وقت الفريضة شَكّ في امتـثال
الصلاة ، فلا شكّ ح في جريان أصالة (الإشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني) التي
هي فرع من فروع الإستصحاب .
وكذلك الأمرُ تماماً في
المثال الثاني
ـ وهو ما لو شككنا في قبول الحيوان للتذكية ورغم ذلك ذبحناه على الطريقة الشرعية ـ
فإنّ أصالة الحِلِّية العقلية والشرعية المستـنبطة من الآيات والروايات تفيدنا
الحِليّة من قبـيل قوله تعالى [قُل لاَّ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً
أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ] [711] ومن قبـيل ما رواهفي الفقيه بإسناده
الصحيح عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع)
قال : كلّ شيء فيه حلال
وحرام فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فـتـدعه [712] صحيحة السند ، فإنها تفيد الحِلِّيةَ ، لأنّ هذه الرواية
تقول لك : هناك حيواناتٌ محلَّلةُ الأكل وحيوانات محرّمة الأكل ، فاعتبر أن الأصل
فيها أنها
[710]
مباحث الأصول تقرير أستاذنا
السيد كاظم الحائري حفظه الله ج 3 من القسم الثاني / ضابط الشكّ في التكليف
والمكلف به ص 565 .