اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 622
الحظر أم الإباحة ، فإنه يستشمّ من
كلام الشيخ المفيدأصالةُ
الحظر ـ أي المنع العقلي ولزوم الإحتياط ـ ، لأنه ـ مع الإقدام ـ لا يُؤمَنُ من
الوقوع في المفسدة ، ولكن نَسَبَ الشيخ الطوسي له القول بالوقف وعدم الجزم بالحظر .
وقال الشيخ الطوسي في العِدّة بأصالة الوقف أيضاً والتي تـنـتِج ـ في مقام العمل
والإفتاء ـ الإحتياطَ . قال الشيخ الطوسي
: "واختلفوا في الأشياء التي ينـتـفع بها هل هي على الحظر أو الإباحة أو على
الوقف ـ أي التوقّف (الشارح) ـ ؟ ذهب كثير من البغداديين وطائفةٌ من أصحابنا
الإماميّة إلى أنّها على الحظر ، ووافقهم على ذلك جماعة من الفقهاء . وذهب أكثر
المتكلِّمين من البصريين ـ وهو المحكيّ عن أبي الحسن وكثير من الفقهاء ـ إلى أنّها
على الإباحة ، وهو الذي يختاره سيّدنا المرتضى رحمه الله ، وذهب كثير من النّاس
إلى أنّها على الوقف[623] ، ويجوز كلّ واحد من
الأمرين فيه ، وينـتظر ورود السّمع بواحد منهما ، وهذا المذهب كان ينصره شيخنا أبو
عبد الله رحمه الله وهو الذي يَقوَى في نفسي . والذي يدلّ على ذلك : أنّه قد ثبت
في العقول أنّ الإقدام على ما لا يَأمَنُ المكلَّفُ كونَه قبـيحاً هو مِثلُ إقدامه
على ما يَعلم قبحَه ، ألا ترى أنّ مَن أقدمَ على الإخبار بما لا يعلم صحّة مخبَره
، جرى في القبح مجرى من أخبر مع علمه بأنّ مخبَره على خلاف ما أخبر به على حدّ
واحد ، وإذا ثبت ذلك وفقدنا الأدلَّة على حسن هذه الأشياء قطعاً ينبغي أن نجوّز
كونها قبـيحة ، وإذا جوّزنا ذلك فيها قبح الإقدام عليها .." [624] .
وقال الشيخ الصدوق : "الأشياء كلها مطلقة حتى يَرِدَ في شيءٍ منها نهيٌ" [625]وهو تصريح بأصالة
الإباحة .
وكذا قال السيد المرتضى أيضاً ،
فقد ذهب إلى القول بأصالة الإباحة[626].
[624]
إعتمدتُ في هذه الكلمات على أكثر من مصدر من قبـيل مباحث الأصول لاُستاذنا السيد
كاظم الحائري حفظه الله ج 3 من القسم الثاني ص 64 فما بَعد ، وعلى كتاب العِدّة في اُصول الفقه للشيخ
الطوسي الباب الثاني عشر/ فصل 2 ص 747 .
[625]
الإعتقادات في دِين الإمامية باب 43 / باب الإعتقاد في الحظر والإباحة ص 114 .
[626]
الإنـتصار/ كتاب النكاح/ الزنا بذات بعل ص 262 ، قال : "ومما انفردت به الإمامية القول بأنّ
من زنا بامرأة ولها بعل حرم عليه نكاحها أبداً وإن فارقها زوجُها ، وباقي الفقهاء
يخالفون في ذلك ، والحجة لنا إجماع الطائفة ، وأيضاً فإنّ استباحة التمتع بالمرأة
لا يجوز إلا بـيقين ، ولا يقين في استباحة من هذه صفتها فيجب العدول عنها إلى مَن
يتيقن استباحة التمتع بها بالعقد . فإن قالوا : الأصلُ الإباحةُ ومَنِ ادَّعَى حظراً فعليه دليلٌ يقتضي العلم بالحظر
، قلنا : الإجماع الذي أشرنا إليه يُخرِجنا عن حكم الأصل . وبعد ، فإنّ جميع مخالفينا ينـتقلون عن حكم الأصل في العقول بأخبار الآحاد" (إنـتهى) ، فإقرارُه بحكم الأصل العقلي كاشفٌ عن
إمضائه القولَ بأصالة الإباحة العقلية ، وكذا ذَكَرَ ذلك في باب لحوم الحُمُر
الأهليّة ص 410 عند قوله "دليلنا على تحليل الحمر الأهلية أنّ الأصل فيما فيه
منفعة ولا مضرة فيه الإباحةُ" (إنـتهى بإختصار) . أقول
: لكن المظنون قوياً هنا أنه يقصد بأصالة الإباحة هنا قاعدة الحِليّة الشرعية ،
لأنه مع وجود قاعدة الحِليّة الشرعية لا يمكن له أن يرجع إلى أصالة الحِليّة
العقلية .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 622