اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 586
ورغم وضوح ما ذكرنا قال صاحب
الكفاية : "ثم إنّ التحقيق أنّ الإختلاف في القراءة بما يوجب الإختلافَ في
الظهور مثل (يطهرن) ـ بالتشديد والتخفيف ـ يوجب الإخلالَ بجواز التمسك والإستدلال
، لعدم إحراز ما هو القرآن ، ولم يَثبت تواترُ القراءات ، ولا جوازُ الإستدلال بها
، وإن نُسِب إلى المشهور تواترُها ، لكنه مما لا أصل له ، وإنما الثابتُ جوازُ
القراءة بها ، ولا ملازمة بـينهما ، كما لا يخفى . ولو فُرِضَ جوازُ الإستدلال بها
، فلا وجهَ لملاحظة الترجيح بـينها بعد كون الأصل في تعارض الأمارات هو سقوطها عن
الحجية في خصوص المؤدَّى ، بناءً على اعتبارها من باب الطريقية[598] ، وهو التخيـيرُ بـينها
بناءً على السبـبـية ـ أي الموضوعية[599] ـ مع عدم دليل على الترجيح
في غير الروايات من سائر الأمارات ، فلا بُدّ من الرجوع حينـئذٍ إلى الأصل أو
العموم ، حسب اختلاف المقامات" (إنـتهى) .
أقول : لا أدري لماذا يقول
هكذا !! ولماذا لا يأخذ ـ عند الإختلاف بين [وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ] و (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطَّهَّرْنَ) مثلاً ـ بالمشهور في
القراءات في مكّة والمدينة والكوفة ؟! ولا يمكن فرْضُ التساوي بـينهما لأنه سيؤدّي
إلى التعارض ، ولا يمكن أن نقول إنّ في كلام أئمّتـنا (علیهم السلام)
تعارضاً ، فالتعارضُ يكون في الأخبار ، لا في القراءات التي أجازها أئمّتـنا ،
فهذا اشتباه واضح وتخطئةٌ لأئمتـنا (ع) نستجير بالله ، ونحن نعوذ بالله من
أن نَرْجِـعَ ـ مع اختلاف القراءتين المجازتين شرعاً ـ إلى الأصل العملي ، فإنه
رجوع إلى الأصل العملي في مورد وجود دليل محرِز ، وهذا أسوأ أنواع الإجتهاد في
مورد النصّ ، لأنـنا نـترك كتابَ الله ونـتمسّك بالأصل العملي !
وبكلمة اُخرى : يجبُ أن نرجّحَ بين
القراءتين إن وجدنا تعارضاً ، وأمّا إن لم نجد تعارضاً فلا بدّ من القول بالتخيـير
الواقعي . ولذلك حين ثَبتت قراءةُ [كفواً] بنحو كُفُواً وكُفُؤاً وكُفْأً ـ دون
كُفْواً ـ و[مالك يوم الدين] و[ملك يوم الدين] يترتّبُ على ذلك جوازُ القراءة في
الصلاة بكلّ منها ، وليس كذلك إن نذرتَ أن تقرأ سورةَ البقرة فقرأتَ [يَطْهُرْنَ]
أو [يَطَّهَّرْنَ) لأنهما متعارضان .
وكذلك لا تجزي بعضُ القراءات
الشاذّة الواردة في بعض الأخبار مثل (كنـتم خير أئمة اُخرجت للناس) أو (واجعل لنا
من المتقين اِماماً)
[598]
أي بناءً على اعتبار الأمارة حجّةً لأغلبـية
مصادفةِ الأمارات للواقع ،
وإنما قال بالسقوط عن الحجيّة لأنه ـ بناءً على القول بالطريقية ـ لا تكشف عن الواقع ، ولا تدّعي ح هذه القراءاتُ
موافقتَها للواقع .
[599]
أي بناءً على اعتبار الأمارة حجّةً لأنّ اتّباعها يجبر الضررَ الحاصلَ من مخالفتها
.
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 586