اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 574
* يـبقى دعواهم وقوعَ
التحريفِ في القرآن الكريم ، إمّا بنحو الإسقاط وإمّا بنحو التصحيف فأقول : لا عِلْمَ
لنا بوقوع التحريف في القرآن المجيد ، وذلك لقوله تعالى [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا
الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحَافِظُونَ[582]وقولهلاَ
يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بين يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تـنزِيلٌ مِّنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ ][583]، ولأنّ القرآن الكريم
هو آخر كتاب نزل من عند الله
لهداية البشر ، فمِنَ الحكمةِ بقاؤه كما نزل ، وإلاّ لوقع الناس في الضلالة ، وهذا
مخالف لغرض المولى تعالى الذي أكثر من إرسال الرسل والأوصياء لهداية الناس ،
ومخالفٌ لكثرة الروايات التي تأمرنا بعرْضِ الروايات المتعارِضة على كتاب الله ،
أو بعرض الرواية المشكوكة الصدور على كتاب الله سبحانه وتعالى ، ومخالفٌ لأخذه
كمقياس لاعتبار الشروط الصحيحة من حيث إنها تخالف كتابَ الله أو توافقه ، والتي
تأمرنا بالتمسّك بكتاب الله ـ في قوله (ص) إنّي تارك فيكم الثقلين كتابَ الله وعترتي أهل بـيتي ـ ... ممّا
يعني أنّ القرآن الكريم لا يزال كما نزل ، وذلك بولاية تكوينية
إلهية وإرادةٍ من عند الله تعالى ، وخاصّةً في آيات الأحكام ، وأنه لم يقع فيه خلل أو نقص
أو تغيـير . وعلى فرض أنه حصل فيه نقص بعد وفاة رسول الله (ص) إلاّ أنّ ذلك لا ينفي حجيّة كلّ الموجود ، وحجيّة ظهوراتها .
ومع ذلك قال جمْعٌ مِنّا ومن
أهل العامّة بحصول نقص في القرآن الكريم ، ولا بأس بنقل ما ذكره السيد الخوئي في
كتابه (البـيان في تـفسير القرآن) قال :
ـ "فقد أخرج الطبراني بسند
موثق عن عمر بن الخطاب مرفوعاً :"القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف" بـينما
القرآن الذي بين أيدينا لا يـبلغ ثلث هذا المقدار ، وعليه فقد سقط من القرآن أكثرُُ
من ثلثيه !!
ـ وروى ابن عباس عن عمر أنه قال
:"إن الله عز وجل بعث محمداً بالحق ، وأنزل معه الكتاب ، فكان مما أنزل إليه آية
الرجم ، فرجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده ، ثم قال : كنا نقرأ :"ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر
بكم" أو : "إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم" .
ـ وروى نافع أن ابن عمر قال
:"ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله ؟ قد ذهب منه قرآن كثير
، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر" .