اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 572
وبهذا تعرف الردود بوضوح على
استدلالات الأخباريين رحمهم الله تعالى الذين ادَّعوا ، هم أيضاً ، عدمَ حجيّةِ
ظهورات القرآن الكريم إلاّ بعد الرجوع إلى الروايات .
نعم ، نعود ونؤكّد ، إنْ كان
الظهور واضحاً عرفاً ـ لا مجملاً ـ فهو حجّة ، وإلاّ لن يكون حجّة قطعاً ، ومع ذلك
لا أحدَ من شيعة محمد وآل محمد ينكر أنهم عليهم سلام الله هم العالمون بتمام معاني
القرآن ، متشابهه ومحكماته ودقائقه ، وإلى هذا نظرُ الروايات ، ويحتمل أن يكون نظر
بعض الروايات إلى الإفتاء بناءً على الآيات الغير واضحة المعاني بما يدّعون ، أمّا
علماءُ الطائفة المحقّة فلا يمكن أن يفتوا من دون الرجوع أوّلاً إلى الروايات ،
ليعرفوا المراد والمقصود من الآيات الكريمة .
وهذا ما تلاحظه في الروايات من
قبـيل ما رواه علي بن الحسين المرتضى في رسالة (المحكم والمتشابه) نقلاً من تـفسير
النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق (ع) قال : .. وإنما هلك الناس في
المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ، ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلاً مِن عندِ
أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء ، ونبذوا قولَ رسول الله (ص)
وراء ظهورهم [574] .
ومن قبـيل ما رواه السيد الرضي من
خطبة له (ع) : اِنـتـفعوا
بـبـيان الله ، واتعظوا بمواعظ الله ، واقبلوا نصيحةَ الله ، فإنّ الله قد أعذر
إليكم بالجَلِيَّة ، واتّخَذَ عليكم الحُجَّةَ، وبين لكم مَحابَّهُ من الأعمال ومَكارِهَهُ
منها ، لتـتبعوا هذه وتجتـنبوا هذه [575] .
وكيف لا يكون ظهور القرآن حجّة
وقد كان أئمّتـنا (علیهم السلام) يستدلون به للشيعة وللعامّة كما لاحظتَ في قول الإمام (ع) قبل قليل حينما قال وَيْحَكَ يا قتادة ، ذلك
مَن خرج من بـيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البـيت عارفاً بحقِّنا ، يَهوانا
قلبُه ، كما قال الله عز وجل [واجْعَلْ أفْئِدَةً مِنَ الناسِ تَهْوِي إليْهِمْ]
ولم يَعْنِ البـيتَ فيقول "إليه" ومئات الروايات تراها في آيات
الأحكام وغيرها من قبـيل استـنباط الإمام أمير المؤمنين (ع)
أنّ أقلّ الحمل ستة أشهر من قوله تعالى [وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً][576] وقولِه [وَفِصَالُهُ
فِي عَامَيْنِ][577]، ومعنى الفصال هو
الفطام ، ومن قبـيل استدلاله (ع)
[574]
ئل 18 ب 13 من أبواب صفات القاضي ح 62 ص 147 .