اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 564
وإليك بعض كلماته قال : "وأما
السُّنَّةُ المعلومةُ الصدور عنه wفيحتمل ضعيفاً أن تكون
مثلَ المصنّفات والمكاتيب ، والأظهر أن يكون المراد منها تـفهيمَ (خصوص) المخاطَبين
وبلوغَ نفس الحكم إلى مَن سواهم بواسطة تبليغهم ، ومع ذلك فلا يُعلم من حاله رضاه wبما يَفهَمُه الغيرُ مشافهين حتى يكون ظنّاً معلومَ الحجية ، فهذا
هو القدر الذي يمكن أن يقال إنه الظن المعلوم الحجية ..." إلى أن قال :
"وثبوت اشتراكنا معهم في أصل التكليف بالإجماع لا يوجب اشتراكَنا معهم في
كيفية الفهم من هذه الأدلّة ، و(في كيفية) توجُّهِ الخطاب إلينا ، ولا إجماع على مساواتـنا
في العمل بالظنّ الحاصل منها لنا" (إنـتهى) . وقولُه "ولا إجماع
على مساواتـنا .." يعني أنه لا إجماع على مساواتـنا مع غير المخاطَبين في
اشتراط الظنّ ، أي لا يوجد دليلٌ على لزوم حصول ظنّ عندهم أيضاً .
وقال في بحث الإجتهاد والتقليد
: "المسلّمُ منه حجيّةُ متـفاهَمِ (أي ما يَفهمه) المشافَهين والمخاطَبين وَمن
يحذو حذوهم لأنّ مخاطبته كانت معهم (من دون حاجة إلى اشتراط حصول ظنّ عند المخاطَبـين)
، والظنُّ الحاصلُ للمخاطَبين من جهة أصالة الحقيقة والقرائن المجازيّة حجّة
إجماعاً ، لأن الله تعالى أرسل رسوله وكتابَه بلسان قومه ، والمرادُ بلسان القوم
هو ما يفهمونه (من دون اشتراط حصول ظنّ عند المخاطَبـين) ، وكما أنّ التـفهيم
يختلف باختلاف اللَّسان ، كذلك يختلف باختلاف الزّمان ، وإنْ توافَقَ اللّسانان ، فحجيّةُ
متـفاهَم المتأخّرين عن زمن الخطاب و(حجيّةُ) ظنونِهم يحتاج إلى دليل آخر
غيرِ ما دلّ على حجيّة متـفاهم المخاطبين المشافَهين ، (وذلك) لمنع الإجماع
عليه بالخصوص ، ولا يمكن إثبات ذلك[565](أي إثبات حجيّة متفاهَم
غير المخاطَبـين) إلا بأحد وجهين :
الأوّل : انحصار السّبـيل إلى الحكم في العمل بتلك
الظنون
ودلالة استحالة التّكليف بما لا يطاق عليه وهو ما ذكرناه ، لأنّ ذلك هو مقتضى
الدّليل العقلي المقتضي لحجيّة ما يصحّ السّبـيل إليه من الظَّنون من حيث هي ظنّ ،
لا من حيث هي أنّه ظنّ خاصّ ، إذ الدّليل القطعي لا يدلّ على حجيّة ظنّ خاصّ ، والمفروض
أنّ الإجماع غيرُ مسلَّم في الظَّن الحاصل لغير المشافهين .
والثّاني : إنّ الكتاب العزيز
من قبـيل تأليف المصنّفين الَّذين يقصدون بكتابهم بقاءَه أبدَ الدّهر ليَفهَمَ منه
المتأمّلون فيه بكرور الأيّام على مقدار فهمهم ويعملون عليه ، وكذلك المكاتيب
والمراسيل الواردة من البلاد البعيدة ، سيّما مع مخالفة لسان المكتوب مع المكتوب
إليه ، فإنّه لا ريب في جواز العمل
[565]
قولنا في مقدّمة الكتاب انّ على العلماء الأعاجم أن يَعرُضوا كتبَهم العربـية على
العرب المتخصّصين بالمادّة نقصد به أمثالَ صاحب القوانين وصاحبِ الكفاية،
فإنهم يعتقدون أنهم يعرفون العربـية ، مع أنّ نفس العرب المتخصّصين لا يَفهمون من
كتاباتهم شيئاً ويحتاجون إلى مترجِم .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 564