اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 557
، ثم رأينا في رواية صحيحةٍ اُخرى
بأنها حيضتان ، فإنـنا بلا شكّ نحمل الروايات الاُولى على الإكتفاء بحيضة واحدة ،
والثانيةَ على الإستحباب ، وإلاّ لوقعت المرأةُ ـ لو تزوّجت بعد الحيضة الواحدة
مباشرةً ـ في نكاح الشبهة .
وكذلك الأمرُ لو قال المولى
"اَكرِمِ العالِمَ" ثم بعد مدّة قال "لا تُكْرِمِ الفاسقَ" أو
"لا يجبُ إكرامُ الفاسق" وشككنا في معنى (فاسق) هل هو خصوص مرتكب
الكبائر ، أم هو مطلق العاصي ـ أي حتى مرتكبَ الصغائر ـ ثم رأينا عالِماً يرتكب
الصغائرَ ، فهل يجب إكرامُه ، أي هل يجب التمسّك بإطلاق (العالِم) ليجب القول
بلزوم إكرامه ، وهو ما يعبّر عنه عادةً ـ ولو تسامحاً ـ بلزوم التمسّك بالعموم
الفوقاني أو قُلْ .. بلزوم الرجوع إلى العموم الفوقاني ؟
قد تـقول في الجواب : إنه لا شكّ أنّ
العالِمية ـ في هكذا مثال ـ تقتضي الوجوبَ ، وأنّ الفسقَ يقتضي حرمةَ الإكرام أو يكون
مانعاً عن وجوب الإكرام ...
لكنّ الصحيح أن يقال : إن كان الكلام
الأوّل في مقام البـيان ـ وهو الأصل في الكلام ـ كما لو فرضنا أنّ المولى قال ـ في
الرواية الاُولى ـ "أيها الناس اَكْرِموا العلماءَ" ثم قال في مقام آخر
"لا تكرموا الفاسق" فإنـنا يجب أن نحمل الكلام الثاني على عدم الإلزام ،
فيُحمَلُ "لا تُكْرِموا الفاسِقَ" على كراهة إكرامه ، وأمّا إن اتّضح
أنّ الكلام الأوّل لم يكن ناظراً إلى الفاسق ـ أي لم يكن الكلام الأوّل في مقام البـيان
من هذه الجهة ـ كما لو قال "أيها الناس صلّوا وصوموا واَكرِموا المؤمنين
والعلماء" ، ولم يكن في مقام بـيان تمام تـفاصيل الموضوع ، فمن الطبـيعي أنـنا
يجب أن نحمل الكلامَ الثاني على التقيـيد وكأنه متّصل ، وعليه فلن يحصل ح إجمالٌ
في حدود موضوع الحكم ، لأنه سيكون بمثابة قوله "اَكْرِموا العالِمَ إلاّ
الفاسقَ"، وح لا يصحّ الرجوع إلى الاُصول العملية في موضع الشكّ .
·
ولو قال المولى "اَكْرِمِ العالِمَ" ثم بعد مدّةٍ
قال "لا تُكْرِمْ زيداً" أو "لا يجبُ إكرامُ زيد" وكان يوجد
فردان لزيد ، أحدهما عالِمٌ والآخر جاهل ، فما الموقف ؟ هل يجب إكرامُ زيدٍ
العالِمِ أم لا ؟
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 557