اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 555
الغفلة أو قُلْ لأصالة عدم الغفلة
ـ والمـنفصلة ، ثم ـ بعد ذلك ـ يتمسّكون
بالمعنى الموضوع له اللفظُ ، فيتّبعون الظاهرَ العرفي للكلام ، لأنهم يَرَون أنّ
المعنى الظاهر هو المعنى الموضوع له بدليل التبادر ، ويرون أيضاً أنّ المتكلّمَ
يريد ظاهرَ كلامِه من عموم أو خصوص أو إطلاق أو تقيـيد ، ولذلك هم يرونه حجّةً
عليهم ، لذلك هم يتمسّكون بالظهور العرفي للكلام لأنهم يرون المعنى الظاهرَ حجّةً لهم
وعليهم عرفاً وشرعاً [558].
* الصورة الثانية : وهي حالةُ ما لو
فُرِضَ الشكّ في المعنى المراد بسبب وجود قرينة قد تكون دخيلة في المراد ، فالشكّ
إذن في أصل الظهور ـ أي في الصغرى ـ ، ومن الطبـيعي ح أن لا نأخذ بهذا المعنى
المحتمل المجمل ، أي ـ كما قلنا قبل بضعة أسطر ـ أنـنا في هكذا حالة لا يمكن أن نعتبر
هذا الكلام المجملَ حجةً ، أي لا يكون هذا الكلام حجّة علينا . فمثلاً لو سألوا
الإمامَ عن الرجل كيف يقوم في صلاته وكيف يجلس وكيف يسجد ويركع ، فأجابه الإمام
بأنه يقف هكذا ويركع هكذا ويفعل هكذا .. واحتملنا ـ لبعض قرائن ـ أن يكون الجوابُ
ناظراً إلى خصوص الرجل ، لا إلى الأعمِّ منه ومن المرأة ، فح يجب أن نقتصر في
الإفتاء على خصوص الرجل ، لِشَكِّنا في شمول الجواب للمرأة أيضاً ، أو قُلْ لشكّنا
بأصل الظهور والشمول للمرأة مع وجود قرينة محتملة التقيـيد بالرجل .
مثال ثانٍ : لو حصل لنا شكٌّ في
أصل الظهور في أيّ كلمة ككلمة (فاسق) مثلاً في قول المولى "اَكرِمِ العالِمَ
إلاّ الفاسقَ منهم" ولم نعرف المراد بالدقّة من الفاسق ، هل هو خصوص مرتكب
الكبائر فقط ، أم مطلق العاصي ـ أي الشامل لمرتكب الصغائر أيضاً ـ ، فالشكُّ هنا
في أصل الظهور ، ففي هكذا حالة لا يكون هذا الكلام حجّة علينا شرعاً ولا عرفاً ،
وذلك لعدم وضوح الظهور أصلاً ، وإنما هنا يوجد إجمال ، ولذلك ترى كلّ العلماء في
مثل حالة الإجمال هذه يَرجعون إلى الاُصول العملية ، لأنّ الإجمال في الفاسق يسري
إلى كلّ موضوع الحكم ، فلا نعرف واجبَ الإكرام مِن غيرِه . وكذلك الأمر تماماً في
مثال الرجل السابق كيف يركع ويسجد ، أي فيما لو عرفنا بوجود قرينة ، ولم نعرف
بدخالتها في الموضوع أم بالإتيان بها من باب المثال .
مثال ثالث : لو ورد
"اَكرمِ العلماءَ والفقهاءَ والنحاة إلاّ الشعراءَ منهم" وشككنا في رجوع
الإستـثـناء إلى خصوص الأخير أو إلى الجميع ، فهنا يحصل إجمال ، فهل يجب إكرامُ
العلماء والفقهاء الشعراء أم لا ؟ الأصلُ عدمُ ذلك ، وذلك بعد عدم وضوح صغرى
الظهور أوّلاً ، ولذلك لن نعرف المرادَ الجدّي
[558]
بتعبـير آخر : إذا تمّ ظهورُ الكلام بنظر العرف فإنّ العلماء يعتبرونه حجّة عليهم
شرعاً وعرفاً ، ولأنها حجّةٌ تراهم يتمسّكونبهذا
الظهور المذكور ، هذا هو التسلسل المنطقي للمسألة ، وليست الحجيّة هي نفس التمسّك
بالظهور .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 555