اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 481
سألتُ أبا عبد الله عن
رجلين اختار كلّ واحد منهما رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما
فاختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم ؟ قال (ع) : الحكم ما حكم به
أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما .. إلى أن قال عمر بن حنظلة : فإن كان
الخبران عنكم مشهورَين قد رواهما الثـقاتُ عنكم ؟ قال : يُنظَرُ فما وافق حُكمُه
حُكمَ الكتاب والسُّنّة وخالف العامة فيؤخذ به ويُتركُ ما خالف حكمه حكم الكتاب
والسُّنة ووافق العامّة [444]، يعبّرون عن سند هذه
المصحّحة أو الصحيحة بالمقبولة ، ولكلّ وجه ، وليس في السند إشكالٌ إلاّ في عمر بن
حنظلة ، وهو ثقة لعدّة قرائن ذكرناها بالتـفصيل في تعليقتي على الحلقة الثالثة
فليراجع هناك . بل نحن نقول بصحّة روايات أصحاب الإجماع ، والراوي للرواية هذه هو
صفوان بن يحيى .
وموضع الإستدلال هو
قولُ السائل "فإن كان الخبران عنكم مشهورَين قد رواهما الثقاتُ عنكم ؟" ممّا يُظهِرُ
وضوحَ فكرةِ حجيّة خبر الثقة عند أصحاب الأئمّة ، وقد أقرّه الإمامُ على هذا
الإرتكاز
، ولم يردعه ، ولم ينبّهه ، وإنما أجابه بلزوم الأخْذِ حينـئذ بما يوافق الكتاب
والسُنّة وخالف العامّةَ ..
4 ـ ومنها : ما عن
الكشّي عن العيّاشي عن محمّد بن عيسى عن عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن
يقطين جميعاً عن الرّضا (ع) قال قلت : لا أكاد أصل إليك أسألك عن كلّ ما احتاج إليه من معالم ديني ،
أفيونُسُ
بنُ عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما احتاج إليه من معالم ديني ؟ فقال : نعم[445] صحيحة السند ، وذلك
بنفس التقريب السابق ، وهو أنّ الإمامَ (ع)
أقرّه على ارتكازه بحجيّة خبر الثقة . وقد وردت هذه الروايةُ بصيغة ثانية وهي : ما ورد
في رجال الكشّي أيضاً عن علي بن محمد القتيـبي (تلميذ الفضل بن شاذان ، نيسابوري ،
فاضل ، لم أجد فيه توثيقاً) عن الفضل بن شاذان عن عبد العزيز بن المهتدي ـ وكان
خير قُمّيّ رأيتُه ، وكان وكيل الرضا (ع) وخاصَّتَه ـ قال : سألت الرضا (ع) فقلت : إني
لا ألقاك في كل وقت ، فعَمَّن آخُذُ معالِمَ دِيني ؟ فقال : خُذْ عن يونس بن عبد
الرحمن [446] . لكنْ هذا النصّ
الآخَرُ لا يضرّنا ، لأنّ الرواة الثقات كانوا يحذفون من الحديث ويُـبقون محلّ
الشاهد ، وهذا لا يخدش في وثاقتهم ، ولكنهم لا يضيفون إليه شيئاً وإلاّ لكانوا كاذبين
، لذلك فالنصّ الأوّل هو المعتبر شرعاً .