responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 434

 

ومن شرائط التواتر الذي يوجب الإطمئـنانَ :

ـ الكثرة الكميّة : بأن يتمتّع التواتر بمقوّي كمّي ، أي أن تكثر الأخبار إلى حدّ يزول معه احتمالُ الخلاف .

ـ الكيفية : بأن يكون الأمر المتواتر قريب التصديق في نفسه ، كإيمان سلمان الفارسي ، بمعنى أن لا يوجَدَ معارِض للمعنى المتواتِر كإيمان معاوية لعنه الله المعارَض بروايات كثيرة أنه كان محارباً لله ولرسوله ولوليّه ، ولا يفرق الأمر بين أن تكون ألفاظ الروايات واحدةً أو مختلفة ، طالما أنها تصبّ في معنى واحد ، وهو إيمان سلمان المحمّدي وفسقُ معاوية .

وبتعبـير آخر : أن لا يكون للمعنى المتواتَر مضعِّف خارجي ، أي أن لا يكون له معارِض ، أمّا لو وُجِد له معارِض فلن يحصل اطمئـنان بصحّة المعنى الذي تواترت فيه الروايات وكَثُرَتْ ، وذلك كما لو وُجِدت نجاسة في إناء ضائع بين ألْفِ إناء ، فاحتمال أن يكون الإناء رقم (ألف) هو المتـنجّس هو واحِدٌ على ألف ، لكن رغم شدّة ضعف هذا الإحتمال لن يحصل عندنا علم عرفي واطمئـنان بطهارة هذا الإناء ، وقد لا يجرؤ بعض الناس المتديّنين على شرب واحد من هذه الآنية ، وذلك لأنه إن شرب شخصٌ واحداً منها لقال "وأستطيع أن أشربها كلّها أيضاً بالتسلسل لاحتمال أن يكون كلّ إناء أشربه فيه احتمال واحد على ألف أن يكون هو النجس الواقعي" وهذا قد يرفضه بعض المتديّنين .

ومن أمثلة أن يكون الأمر المتواتر قريـباً في نفسه وقريـباً إلى العقل حادثةُ غدير خمّ ، فإنّ العقل يرى وجوبَ أن يـبلّغ رسولُ الله (ص) ما اُنزل إليه من ربّه من تعيـين الخليفة من بعده ليُـبين للناس تمامَ شريعة الله ولكي لا تُـتْرَكَ هذه الرسالةُ الجديدة والقريـبةُ العهد من الجاهلية بـيدِ مَن ينـتخِبُه الناسُ ، وأنت تعلم أنّ أكثر الناس يتّبعون هواهم ومصالحَهم الشخصيّة ، ويقدّمونها على الرسالة الإلهية وعلى المصالح العامّة ، فحينما تردنا روايات متواترة جداً عن حادثة غدير خمّ ترى كلّ المحقّقين يصدّقون بها فوراً ، وذلك لشدّة قربها من العقل ومن الشرع ومن القلب ، خاصّةً إذا اتـفقت ألفاظُ الروايات على نصّ واحد وخطبةٍ واحدة من كلّ المسلمين رغم عداوتهم لأمير المؤمنين (ع) واختلافاتهم في الميول والأهواء ، فهذا الإتـفاق على لفظ واحد وخطبة واحدة يقوّي احتمالَ حصول هذه الحادثة .

إذن ليست المسألة مسألة كثرة الروايات فقط ، وإنما هي مسألة ضعف احتمال كذب كلّ الروايات القريـبة في ذاتها والتي لا معارض لها بحيث يوجب هذا التواترُ العلمَ العرفي المعبّر عنه بالإطمئـنان .

وهنا ملاحظتان :

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 434
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست