اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 432
وقت الفريضة المؤقّتة فيما إذا علم
المكلّفُ أنه لا يستطيع على الفحص والتعلّم أثـناء وقت الفريضة أم لا يجب ، كما
فيمن سيَـبْلُغُ في هذه الأيام ، فإن لم يتعلّم على الصلاة قبل البلوغ فلن يستطيع
أن يتوضّأ ويصلّي بشكل صحيح في أوّل يوم بلوغه ؟
الجواب : قد تقول لا يجب
الفحصُ والتعلّمُ ، وذلك لعدم حلول وقت الفريضة ، فلا يجب عليه في الذمّة شيءٌ ،
لا إلزام فعلي ولا إلزام في تحصيل مقدّمات الوجوب ولا مقدّمات الواجب .
لكن الصحيح هو أنّ العقل يحكم
في هذه المقدّمة المفوّتة بوجوب الفحص والتعلّم ـ ولو من باب الإحتياط اللزومي ـ لأنّ
ذلك يكون من قبـيل مقدّمات الحجّ ، فإذا لم يهيّئ مقدّماتِ السفر من جواز سفر
وتأشيرة دخول وغير ذلك فإنه قطعاً لن يحجّ حاجٌّ في شرق الأرض ولا في غربها ، وهكذا
الأمر فيما نحن فيه ، فنحن وهذا الصبيّ نعلم أنه إن لم يتعلّم فإنه قطعاً لا يمكن
له أن يؤدّي الفريضةَ صحيحةً في وقتها ، وهذا مرفوض شرعاً وعقلاً قطعاً ، وهذا ما
يطلقون عليه اصطلاح (المقدّمات المفوّتة) ، وهنا الأمْرُ كذلك تماماً ، وهذا
الكلام لا شكّ ولا إشكال فيه عند أحد فيما لو كان الواجب المؤقّت يتوقّف دائماً
على مقدّمات مفوّتة . ولذلك لا يـبعد أنه يجب ـ بحكم العقل ـ أن يهيّئ الإنسانُ
مقدّماتِ الواجب قبل الوقت في الحالات المذكورة ، رغم القول المعروف بأنه لا يمكن
تقدّم الوجوب الفعلي على زمان الواجب ، لكن هذا في الحالات العاديّة ، لا في حالة
المقدّمة المفوّتة التي يفوت الواجب في وقته بالتقصير في التعلّم والفحص والبحث
قبل وقته . فلا أحد يقول بوجوب الوضوء قبل الأذان في الحالات العاديّة ، لكنْ إن توقّفت
(الصلاة عن طهارة) على تعلّم الطهارة وتعلّم الصلاة قبل الوقت ، فلا يـبعد أن
يَحكم العقلُ ح بوجوب التعلّم قبل وقت الفريضة ... ولا أقلّ من إمكان التمسّك
بإطلاق الأمر بالتعلّم بما يشمل ما قبل وقت الفريضة ، وإمكان التمسّك بإطلاق قول
الله [ قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ ] [384] فقد يقول لنا الله
تعالى في الآخرة : لِمَ لَمْ تـتعلّم قبل وقت الفريضة فيُفْحِمُنا.
توضيح ذلك : لو قال لك المولى
العرفي ـ كرَبّ العَمَل مثلاً ـ : إفعل لنا غداً سفرةً كبـيرةً جيّدة للضيوف ،
وافعلِ الأكلاتِ المتعدّدةَ الفلانية ، وكانت بعضُ الأكلات متوقّفة على بعض
الأفعال في اليوم السابق ، لِعِلْمِك بأنك لن تستطيع غداً أن تقوم بكلّ الأعمال
المطلوبة في اليوم الثاني ، وإنما يجب أن تشتري بعضَ الخضار في اليوم السابق
وتـفرُمَها وتُهَيِّئُها وتـتعلّم كيفية الطبخ ... ولكنك قصّرت في اليوم السابق
عمداً ، فهل ترى لك من عذرٍ إن قصّرتَ في اليوم الثاني ولَمْ تـفعل كلَّ ما أمرك
به مولاك ؟! أليس له