responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 414

 

الاُصوليون ـ أم لا ـ كما يدّعي الأخباريون ـ ؟ فهل يدرك العقلُ العمليّ ملاكاتِ الأحكامِ الشرعية أو ـ على الأقلّ ـ بعضَها أم لا ؟

ومن هنا تعرف أنّ بحثـنا إنما هو بـينـنا وبين الأخباريـين الذين يدّعون قصور العقل عن إدراك كامل ملاكات الأحكام وكثرةَ الأخطاء التي يقع فيها العقل ، فمثلاً يقول الحرّ العاملي بأنّ "الأحكام الشرعية لا يجوز أخذها إلاّ من المعصوم بالنصّ المتواتر في ذلك .. والحاصلُ أنه لا يُفهم من الأخبار السابقة ولا من غيرها أنّ العقلَ بمجرَّدِه حجةٌ في شيء من نفس الأحكام الشرعية أعني الوجوب والندب والكراهة والتحريم والإباحة والشرطية والسبـبـية والمانعية ونحوها"[357] ، إذن ليس البحثُ هنا بـينـنا وبين العامّة الذين يأخذون بالدليل العقلي الظنّي والذي يسمّونه بالقياس والإستحسان والرأي ، فإنك تعرف رفْضَنا لنظريّتهم ، فقد كثُرَتِ الرواياتُ الناهية عن الأخذ بالدليل الظنّي ، فإنّ دين الله لا يصاب بالعقول ، وإنّ السُنّةَ إذا قِيسَتْ مُحِقَ الدين ، واِنّ دِينَ الله عزَّ وجَلَّ لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقايـيس الفاسدة ولا يصاب اِلاّ بالتسليم ... حتى ذَكَرَ في جامع أحاديث الشيعة أكثرَ من 130 روايةً بهذا المعنى[358]، على أنك تعرفُ أصالةَ عدمِ حجيّة الظنّ .

ولا شكّ أنك تعلمُ أنّه ليس بحثُـنا في حكم العقل النظري المتقدّم رتبةً على الكتاب والسُنّة أي الذي تـثبت به حجيّةُ الكتابِ والسُنّة وصحّةُ ادّعاء نبوّة رسول الله (ص) وخلافة الأئمّة (ع) له دون الآخرين ولو من خلال التواتر الذي يورث القطع ... وليس ناظراً إلى حكم العقل المتأخّر رتبةً عن الحكم الشرعي أي الذي يوجب علينا إطاعةَ المولى لأحكامه وحرمة معصيته جلّ وعلا .

ثم اعلم أنّ مرادنا من الأحكام العقلية هي التي يجب أن تكون كلّها قطعية وإلاّ لن تكون عقلية ، أي يجب أن يُسلَبَ الإمكانُ العقلي عن الطرف المخالف .

مثال ذلك : لو مات شخصٌ فالعقل يحكم بكون تركته لورثـته وأنها بنحو الإشاعة بين الورثة .. حتى ولو لم يحكم الشارع بذلك .. وذلك لعدم إمكان ترك التركة من دون وارث ولعدم إمكان ترجيح شيء على آخر من دون دليل .. وكجواز المرور بالأراضي الواسعة جداً الغير مسوّرة والغير مزروعة ، وذلك بدليل سيرة العقلاء من زمان نبي الله آدم (ع) وإلى قيام الساعة ، وذلك لعدم إمكان حرمة ذلك شرعاً مع عدم وصول شيء من النواهي إلينا مع غرابة النهي عن ذلك جداً ممّا يستدعي كثرةَ الأسئلة


[357] الفوائد الطوسية فائدة 79 ص 354 . وراجع أيضاً كلماتهم في الحدائق الناضرة ج 1 /المقدّمة الثالثة في مدارك الأحكام الشرعية والمقدّمة العاشرة في حجيّة الدليل العقلي .

[358] جامع أحاديث الشيعة ج 1 ب 7 من أبواب المقدّمات ص 269 .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 414
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست