responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 412

 

1 ـ إنّه يوجد بعض خطاباتٍ وردت في الشرع ، هي في الواقع إرشادٌ إلى حُكْمِ العقلِ بذلك ، وليس الأمر الشرعي بها تأسيسياً ، بل لا يصحّ أن يكون تأسيسياً ، وذلك من قبـيل الأمر الشرعي بوجوب إطاعة الباري تعالى والنهي عن معصيتِه ، فإنهما إرشاد إلى حكم العقل بذلك ، وليسا تأسيسيـّين ، وذلك لأنك إنِ ادّعيتَ أنهما تأسيسيّان حقيقيّان لجاء الإشكال التالي : ومَن يقولُ يجب إطاعةُ المولَى تعالى ؟ فإن قلتَ : اللهُ ! قلنا : ومَا الدليل على وجوب إطاعته جلّ وعلا ؟! فإن قلتَ : أمْرُه جلّ وعلا ! لرجع السؤال : وما الدليل على وجوب اتّباع أمْرِه سبحانه وتعالى ؟! وهكذا يتكرّر السؤالُ إلى ما لا نهاية ... إذن يجب القولُ بأنّ هذا الحكمَ الشرعي هو إرشادٌ إلى حكم العقل بذلك ، وحُكْمُ العقلِ إرشادٌ إلى وجود الحكم في اللوح المحفوظ أي في عِلْمِ الباري تعالى . إذَنْ ما ورد في الآيات الكريمة من وجوب إطاعة المولى جلّ وعلا ما هو إلاّ إرشادٌ إلى حُكْم العقل بذلك . نعم ، وجوبُ إطاعةِ الله جلّ وعلا موجود في اللوح المحفوظ ، كقانون شرعي ، لكنَّ الدالّ عليه والمرشِدَ إليه هو العقلُ ، ولا يمكن أن يكون التكليف الوارد من الشرع تأسيسيّاً ، وإنما يكون مرشِداً فقط إلى حكم العقل بالوجوب الشرعي ، وإلاّ لأدّى إلى التسلسل السالف الذكر ، وحُكْمُ العقلِ يكون مُرْشِداً إلى وجودِ الحكمِ في اللوح المحفوظ .

2 ـ إنّ هناك أموراً هي عقلائيّة ـ لا عقليّة ـ من قبـيل ملكية المباحات ، فأنت لا يمكن لك أن تدّعي أنّ تحجير الأراضي المباحة بالأصل وإحياءها كاف في حصول الملكية هو أمر عقلي لا يختلف ولا يتخلّف ، كما لا يمكن لك أن تدّعي أنّ (اليد كاشفة عن الملكية) و (أنّ الأصل هو البناء على الصحّة في أعمال الغَير) والعقود والطلاقات ... هي أمور عقليّة لا تختلف ولا تتخلّف ، وإنما هي أمورٌ تبانَى عليها العقلاء ، فقد لا يعتبر المولى تعالى بعضَ هذه الأمور المذكورة ـ ولو في بعض تفصيلاتها ـ صحيحة ، لذلك فهي أمور متبانَى عليها ، كما أنّ العقل لا يحكم بحجيّة اليد ، وإنما تبانى العقلاءُ على ذلك ... إلاّ إذا أورث ذلك العلمَ فيكون ح حجّةً عقلاً .

أمّا الإستصحاب ففي بعض مصاديقه هو عقلي ، وهو استصحاب العدم ، وفي سائر مصاديقه هو شرعي ، وليس أصلاً عقلياً بلا شكّ ولا شبهة ، بمعنى أنّ منشأه عقلي ، أمّا توسعتُه فشرعيّة ، مثلاً : لو شككنا في تسديد الديون التي علينا لفلان ، فالأصلُ العقلي ـ الذي لا يختلف من عقلٍ إلى عقل ولا يتخلّف ـ هو عدم التسديد ، ولو شككنا في قُرَشية امرأة فالعقلُ يحكم بأصالة عدم القرشيّة حتى تَـثبت القُرشيّةُ ، والعقلُ يحكم بلزوم تحصيل العلم بامتـثالك المأمورَ به ، ولا يكتفي العقلُ بالظنّ ، ولزومُ تحصيلِ العلم

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست