اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 384
لا ثمرة لهذا البحث أصلاً ، وقد
ذَكَرَ بعضُ الناس بعضَ الثمرات لكنها ليست ثمرات لمسألتـنا ، ولعلّ أحسنها هي
الثمرة المدّعاة التالية :
1 ـ المعروف والمشهور جداً هو
لزوم الإتيان بغسل الميّت وتكفينه وسائرِ أمور تجهيزه مجّاناً ، فإنه من الحقوق
المجّانية للميّت على الأحياء ، فهل يجوز أخذ الأجرة على مقدّمات ذلك ـ بعدما قلنا
بالوجوب العقلي للمقدّمات ـ أم لا ؟ الجواب : لا يـبعد جوازُ ذلك ، إنما في
المقدّمات البعيدة ، لا في المقدّمات التي يتوقّف عليها الواجب ، وذلك لأنّ الأمر
بشيء يعني الأمرَ بمقدّمته التي يتوقّف عليها أداء الواجب .
أقول : هذه ليست ثمرة للبحث
، فإنه على كلّ الأقوال لا يجوز أخْذُ الأجرةِ على المقدّمات الواجبة التي يتوقّف
عليها الواجب ، كجلْبِ الماء للتغسيل وجلب إناء ليوضع فيه الماءُ وجلب الكفن
للتكفين ، ولو طلب المغسّلُ من أحدٍ ـ كأولياء أمر الميّت ـ مالاً ليغسّل ميّتَهم
فهو إنما يأخذ سحتاً ، لأنّ تغسيل الميّت واجب كفائي ، لكنْ لو أخذ مالاً ليغسّله
فغسّله لأنه أخذ مالاً فنوى حينـئذٍ القربةَ ثم غسّل الميّت لكان تغسيله للميّت
صحيحاً بلا شكّ ، لأنّ أخْذ المالِ يكون من الداعي ـ الذي هو أخْذُ المالِ ـ إلى
الداعي ـ لتغسيل الميّت ـ . وبتعبـير آخر : إنّ مقتضى لزوم الإتيان بغُسل الميّت
وتكفينه وسائرِ أمور تجهيزه مجّاناً هو حرمة أخذ الأجرة على ذلك ، وذلك كالوضوء
بعد دخول وقت الفريضة ، فإنّ وجوبه يقتضي حرمة أخذ الأجرة على المقدّمات التي
يتوقّف عليها الوضوء ، كجلْبِ الماءِ ، والدليلُ على ذلك حُكْمُ العقل بذلك ، فإنّ
العقل يحكم أنه إذا وجب عليك تغسيلُ الميّت أو الوضوءُ أو الصلاةُ ، وكانت هذه الواجبات
تـتوقّف على مقدّمات ضرورية ولازمة كلبْسِ الساتر للصلاة ، فإنّ العقل يحكم بلزوم
جلب الماء للوضوء وجلب الساتر لإقامة الصلاة ... وأمّا التي لا يتوقّف عليها
الواجب فيجوز أخذ الأجرة عليها بالإجماع ، على أنّه إذا كان قصده من فعله أخْذَ
الأجرةِ لانـتـفى إمكانُ قصد القربة ، فإنّ تغسيل الميّت ودفْنَه والصلاة عليه
واجباتٌ كفائيّة ، فهي من قبـيل الفرائض اليوميّة تماماً التي لا يجوز أخذ الأجرة
عليها ، فتكون من قبـيل أكل مال الناس بالباطل ، وليست من قبـيل قضاء الصلاة عن
الآخرين لكي لا يجب على المستأجَر أن يأتي بها ، وإنْ أخَذَ الأجرةَ عليها فإنه
يكون من قبـيل الداعي إلى الداعي .
2 ـ قيل إنّ من ثمرات هذه
المسألة
هو أنه لو فرضنا أنّ شخصاً نذر أن يفعل واجباً ، فعلَى القول بالوجوب الشرعي
للمقدّمة يكفي امتـثالُ المقدّمة ، وعلى القول بعدم وجوبها الشرعي لا يُكـتـفَى بها.
أقول : النذرُ يَتْـبَعُ
القصدَ بلا شكّ ولا خلاف ، فإن كان يقصد في نذره الوجوبَ الشرعي قلنا له : لا يكفي
امتـثال المقدّمة ، لأنّ وجوبها عقلي لا شرعي ، وإن كان يقصد مطلقَ الوجوب
ولو العقلي
قلنا
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 384