اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 375
ولذلك أسْمَينا هذا البحثَ بـ [ دليل وجوب
المـقدّمات المـُفَوِّتة ] أي التي يَفُوتُ الواجبُ دائماً بعدم الإتيان بها
قبل زمان الواجب ، لكن لمّا طَغَتْ نظريّةُ صاحبِ الفصول على كلّ الأجوبة عَنْوَنَ
بعضُهم هذا البحثَ بعنوان الواجب المعلّق .
قال صاحب الفصول[324] ـ في الجواب على
الأسئلة السالفة الذكر ـ بنظريّة الواجب المعلّق ، فقال بأنّ وجوب المقدّمات
المفوّتة[325] كاشفٌ عن الوجوب
الفعلي للحجّ من حينِ الإستطاعة ، فنأخذُ بظاهر (إنِ استطعتَ فحِجّ) لنقول بأنّ
الوجوب فعلي عليه من حين الإستطاعة رغم أنّ نفس الحجّ واجب في موسمه . وقد يتوقّف
فِعْلُ الواجبِ على أمر مقدور لكنه غيرُ مهيّأ فعلاً ، كما لو أمَرْتَ وَلَدَك
بالصعود إلى السطح ، فامتـثال الواجب وإن كان لا يمكن فعلاً ، ولكن يمكن تحصيله
وامتـثاله بتهيئة المقدّمات كجلب السلّم مثلاً . إذَنْ دليلُه على صحّة
نظريّة الواجب المعلّق هو التسالمُ ـ عقلاً وإجماعاً ـ على وجوب المقدّمات
المـفوّتة قبل زمان الواجب ، إذ لا يمكن ـ عِنْدَه ـ إيجابُ المقدّمات
المـفوّتة إلاّ بإيجاب نفس الحجّ عند الإستطاعة . وكأنه يريد أن يقول إنه لا يمكن
القولُ بإيجاب الحجّ قبل الإستطاعة ، وهذا يخالف ما نُسِب إلى الشيخ الأنصاري الذي
قال بالوجوب الفعلي للحجّ قبل الإستطاعة ! ولكنهما يتّحدان بالنـتيجة ويصلان معاً
إلى القول بوجوب المقدّمات المـفوّتة لكن بطريقين مختلفَين ، ولا دليلَ آخر في البين
ـ عند صاحب الفصول ـ يـبرّر وجوبَ الإتيان بالمقدّمات المـفوّتة ، إذن فيتعيّن
القولُ بوجوب مقدّمات الحجّ على أساس القول بالواجب المعلّق .
[324]
هو الشيخ محمد حسين بن عبد
الرحيم الطهراني الإصفهاني الحائري ، توفي سنة 1261 هـ ق . قال عنه العلامة الطهراني : "... مؤسس معروف من كبار العلماء ، ولد في "إيوان
كيف" ونشأ بها وأخذ مقدمات العلوم في طهران عن لفيف من الأفاضل ، ولما عاد
إلى إصفهان (الظاهر
: مات) شقيقه الحجة الكبـير
الشيخ محمد تـقي وانـتهت إليه المرجعية في التدريس ونشر العلم ، ثم هاجر إلى
العراق ، فسكن كربلاء ، وأخذت شهرته بالإتّساع تدريجاً حتى عد في مصاف علماء عصره ...
وقد تخرج من معهده جمعٌ من كبار العلماء ..." . وقال عنه السيد الأمين :
"الفقيه الأصولي الشهير أخذ عن أخيه الشيخ محمد تـقي صاحب (هداية المسترشدين)
، وعن الشيخ علي بن الشيخ جعفر ، واختار الإقامة في كربلاء ، فرحل إليه الطلاب
وأخذ عنه جماعة من العلماء ... وله مؤلفات في الأصول ، منها (الفصول) وهي من كـتب
القراءة في هذا الفن . أورد فيه مطالب القوانين وحلها واعترض عليها ، وهو مشهور
عند أهل هذا النوع ..." .
[325]
المراد بالمقدّمة المفوّتة هو مقدّمة الواجب التي يتوقّف عليها الواجب بشكل دائم ،
ولولاها لما تحقّق الواجب أصلاً ، كتهيئة مقدّمات الحجّ ، فإنّ الحجّ يتوقّف
دائماً على أشياء كثيرة كالسير إليه وتهيئة جواز سفر والإلتحاق بقافلة وشراء ثوبي
الإحرام والكثير من العناء قبل الحجّ ، للتوصّل إلى أداء مناسك الحجّ .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 375