اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 364
وذلك بلحاظ تـقدّم الوضوء والطهارة
على الصلاة زماناً . وعليه فيصحّ أن تُطْلِقَ على الوضوء والطهارة تعبـيرَ
(مـقـدّمـة) ـ بلحاظ تـقدّمهما على الصلاة زماناً ـ . فأنت إذا أردتَ أن تذكّي الشاةَ
مثلاً فعليك أوّلاً أن توجّه مقاديمَها نحو القبلة ثم تأتي بسكين وتـَفري أوداجَها
الأربعة وتذكرُ اسمَ اللهِ تعالى عليها أثـناء فَرْيِ الأوداج ، هذه الأعمال قبل
التذكية بدقيقة أو بساعة أو بـيوم لا يصحّ أن يطلق عليها تعبـير شروط التذكية ،
إنما تـقول هذه مقدّمات التذكية ، لكن أثـناء التذكية يطلق عليها إسم شروط .
فمثلاً : لو وجّهت الشاةَ قبل تذكيتها بساعة أو بـيـوم فلا يصحّ إطلاق تعبـير
(شرط) على هذا التوجيه . وبدقّة أكثر : الشرط هو وقوع هذا العمل عن استـقبال ،
أمّا فري الأوداج والتسميةُ فهي بما أنها أفعال فهي إذن أجزاء . مثالٌ آخر :
إحتراقُ الورقة سبـبه وعلّتُه هو وجود نار ـ وهو المقتضي ـ وكون الورقة قريـبةً من
النار ـ وهو الشرط ـ وعدمُ المانع ـ أي كعدم وجود حديدة مثلاً بين النار والورقة ـ
.
فإذن ليس هناك فرقٌ بين (قيد)
و (شرط) ، بل هما يطلَقان على (التـقيّد) أيضاً ، الذي هو نسبة ، فقالوا : شرطُ
الصلاة وقيدُها أن تقع عن طهارة واستـقبال وستر وضمن الوقت ، فتلاحظ أنّ العلماء
يطلقون تعبـير القيد ويريدون به التقيّد ، أي النسبة ، وهو إطلاق صحيح بالدقّة ،
فإنّ قيد الصلاة هو أن تقع عن الطهارة ، فإذن قيدُ الصلاةِ وشرطُها هو نفس
تقيّدِها بكذا وكذا .
* هذا ، وقد لاحَظَ العلماءُ أنّ
بعضَ الأفعال النادرة قد تكون مقيَّدةً أحياناً بقيدٍ متأخّر زماناً على وجود نفس
الفعلِ ، كـتـقيّد صيام المرأة المستحاضة بالغُسل بعد انـتهاء صيامها ـ على ما
ادُّعِيَ ـ وكـتـقيّد البـيع الفضولي الصحيح بالإجازة اللاحقة ، فقالوا : إذن شروط
الواجب إمّا متـقدّمة وإمّا مقارنة وإمّا متأخّرة ، ومثّلوا بالمتأخّرة بما ذكرنا
، ولهذا السبب جعلوا هذا البحث في هذا الموضع ـ أي بعد مقدّمة الواجب ـ . وبتعبـير
آخر : قالوا : لأنّ قيود الواجب قد تكون مقارنةً للواجب ـ كما هو الغالب جداً ـ
وقد تكون متأخّرة كما في أمثلة هذه المسألة جعلوا مسألة (الشرط
المـتـأخّر) في هذا الموضع .
وهذا خطأ ، والصحيح هو أنّ
المقدّمة التي ادّعَوا أنها متأخّرة هي ـ على فرض صحة هذا الإدّعاء ـ قيد متأخّر ،
مقارِنٌ للفعل ، إذ لا يصدق على ما هو داخل الواجب ـ كجزئه مثلاً ـ أنه مقدّمة .
لا بل الشرط المتأخّر ـ وإن كان ممكناً ثبوتاً ـ إلاّ أنه غير موجود في الشرع ،
فهو بحث في فرضٍ خيالي ، على أنه لو فرضنا وجودَه في الشرع فإنه لا يصحّ تسميتُـه بالمقدّمة
المتأخّرة ، ولذلك لا يصحّ جعْلُ هذا البحثِ بعد مسألة مقدّمة الواجب بذريعة أنّ
الشرط المتأخّر هو مقدّمة متأخّرة ، فإنّ نفس هذه التسمية خطأ واضح ، وإنما يجب
تسميتُـه بـ الشرط المتأخّر ، لأنه سوف يكون قيداً في الواجب ، وإنما كان محلّه
متأخّراً فقط . إضافةً إلى أنّ تعريف المقدّمة عند العلماء هو ما كان وجود ذي
المقدّمة متوقّفاً عليه ـ كالسير إلى الحجّ ـ
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 364