responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 359

 

وَجْهُ الإستحقاقِ هو أنه إن كان القيام بعبادة المولى جلّ وعلا مِن باب وجوب شكر المنْعِمِ على ما وهبه للإنسانِ من حياة وعقل ودِين ونِعَمٍ ، فقد يَستـنكر شخصٌ ويقول أنا لا أريد هذه النِّعَمَ ولا أريد أن أشكُرَ عليها ، فلو امتـثلتُ فأنا أستحقّ الثوابَ عقلاً ، وذلك بادّعاء عدم وجوب الواجبات الشرعيّة على الإنسان .

وهذا الوجهُ لا يقول به مسلمٌ قطّ ، لا بل ولا كتابي ، لأنه يؤدّي إلى ترْك الدِّينِ بالكُليّة ويؤدّي إلى القول بالمِنّة على الله بعبادته وامتـثال وجوباته ، وهذا يرفضه عقول عبـيد الله فضلاً عن عباده ، قال الله تعالى[يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ! قُل لاَّ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ ، بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنـتمْ صَادِقِينَ (17)] [304] ، فليس لإنسانٍ أن يَمُنَّ على الله جلّ وعلا بالإسلام أو بتطبـيقه . وبتعبـير آخر ، لو صحّ هذا الوجهُ لصحَّ مَـنُّهم على رسول الله ، ولصحّ أن يقولوا له : نحن لا نريد أصلَ الوجود ، ولا نريد أن نسلم ولا أن نعبد الله ، فالله جلّ وعلا أجابهم على ذلك فرفَض فكرةَ المنّ منهم ، فقال إنه ليس لهم أن يمنّوا عليك باتّباع الإسلام ، على أنّ فِكرة المنّ تستلزم خطأ فِكْرَةِ تعذيب الناس على ترك العبادات التي فرضها اللهُ تعالى عليهم . ومن هنا نشأ القولُ الثاني .

 

دليلُ المنّ والـتـفضّلِ وجهان :

الأوّل : إنّ كلّ ما يصنعُه العبدُ ويتركُه هو لمصلحته ـ لا لمصلحة المولى جلّ وعلا ـ وعليه فإن أثابه اللهُ تعالى ـ رغم أنه يعمل لنفسه لأنّ الله جلّ وعلا غنيّ عن العالمين ـ فهو إذن من باب المنّ والتـفضّل الربّاني لا محالة . توضيح ذلك : أنت حينما تهدّدُ وَلَدَكَ بالضرب المبرّح إن لم يدرس ، فإذا درس ليس له أن يقول لك أنا أستحقّ الثوابَ منك لأنّي أطعتك ، ودليلُك على عدم استحقاقه الثوابَ منك والجائزةَ هو أنك حينما تهدّده بالضرب ، أو حتى لو ضربته للتأديـب ، فأنت تـفعل ذلك لأجله ، ولن تـتركه يَتِيهُ في ظلمات الضياع والباطل ، ومع ذلك لا يستـنكرُ عليك أحد من العالمين ، لا بل كلّهم يفعلون ذلك لأنهم يعرفون أنّ الأولاد لا يدركون مصالحَهم البعيدة ، وإنما يفكّرون بمصالحهم الآنـيّة فقط ، ولذلك فيجب إجبارُهم على أن يكونوا على الصراط المستـقيم ، ولذلك كان التأديـب والتعزير الشرعي لمصلحة الناس ، وإلاّ لوقعوا في مخالبِ إبليس ولهوَوا في الآخرة في العذاب الأليم . ولذلك لا يستحقّ هذا الولدُ منك الثوابَ على درسه ونجاحه ، لأنك تأمره لمصلحته . وكذلك الناس ، فإنّ أغلبهم بين


[304] سورة الحجرات .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست