responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 345

 

قلتُ : النهيُ عن البـيع عند النداء لصلاة الجمعة ليس نهياً عن ذات البـيع ، إنما هو نهيٌ غيري ، بمعنى أنه نهيٌ لأجلِ الذهاب إلى الصلاة ، أي لا لمبغوضيّة نفس البـيع ، وإنما هذا النهي إرشادٌ إلى وجوب الذهاب للصلاة فقط ، ولذلك لو فرضنا أنّ هذا البائع قليلُ الدِّين ، ولا يريد الذهابَ إلى الصلاة ، فبقي في دكّانه يـبـيع ، فإنه لا يَـبْعُدُ أنه يستحقّ عقاباً واحداً فقط ، وهو على ترك الصلاة ، لا عقابين ـ على ترك الصلاة وعلى البـيع ـ ولذلك فنحن نستبعد كونَ النهي عن البـيع نهياً تكليفياً ـ كالنهي عن شرب الخمر والزنا مثلاً ـ . وبتعبـيرٍ آخر : الصلاةُ لكونها محبوبةً نهَى المولى عزّ وجلّ عن البـيع ، وذلك بدليل أنه لولا النداءُ لصلاة الجمعة لما كان هناك نهيٌ عن البـيع ، فليس نفسُ البـيع عند النداء لصلاة الجمعة مبغوضاً ـ كشرب الخمر وأكل الميتة ـ ، ولذلك لا أظنّ أنه يوجد فقيهٌ يُفتي بـبطلان البـيع عند النداء لصلاة الجمعة ، ولذلك لا داعي للإستدلال على صحّة البـيع ـ بعد وضوح عدم وجود نهي ذاتي عن البـيع ـ بقوله تعالى [اَوْفُوا بالعُقُودِ ] .

وأمّا إن تعلّق النهيُ بالمسبب ، أي بنـتيجة المعاملة ـ كالنهي عن المعاملة الربويّة وبـيع كتب الضلال ـ فالذي نفهمُه هو عدمُ إمكان أن يَقبل اللهُ تعالى بصحّة المعاملة ويشرّعَها ـ أي يُشَرّعَ النقلَ والإنـتـقال ـ وهو يُـبغِضُ نـتيجتَها ، فإنه تضادٌّ واضحٌ ومخالفٌ للمبغوضيّة . وبتعبـيرٍ آخر ، إذا كان الله تعالى يـُبغِضُ انـتـقالَ كتب الضلال أو المصحفِ إلى الكافر ـ مثلاً ـ فكيف يشرّع البـيع ويُقِرُّه ؟! وإذا كان يـُبغِض المعاملةَ الربويّة ويحبُّ إعدامَها فكيف يُشَرِّعُها ويُمْضِيها ويُوجِبُ على الإنسان أن يدفع الربا الآتي في المستـقبل ؟! ألا ينبغي أن يَسلب المولى تعالى السلطنةَ من المُرأبي على أخْذِ مالِ الربا وأن يسلب السلطنةَ من البائع على بـيع كتب الضلال والمصحفِ الشريف للكافرِ ؟! وكذا الأمر في كلّ الحالات التي يُـبغض الله تعالى نـتيجتَها ، كما في المعاملة على إضرار الناس ، وكما لو استأجر شخصٌ شخصاً ليَقتل آخرَ ظلماً وعدواناً فإجارتُه باطلةٌ لا محالة ، ولا يمكن أن يشرّع اللهُ تعالى هكذا معاملةً يَكرهُها، فإنّ ذلك مخالفٌ للحكمة ولغرضه وإرادته ، وهذا أمر يجب أن يكون بديهيّاً .

فإن قلتَ : نـتمسّكُ بقوله تعالى[ اَوْفُوا بالعُقُودِ] في هكذا حالةٍ للقول بصحّة المعاملة .

قلتُ : تـنـصرف أذهانُ المتشرّعة عن التمسّك بهذه الآية في حال وجود نهْيٍ ومبغوضيّة للنـتيجة .

ونـتيجةُ هذا البحث برمّته هو أنّ النهي عن المعاملة يقتضي فسادَها ، فإنه لا يمكن عقلاً أن يَنهَى المولى تعالى عن شيء ثم يحكم بصحّته . وأمّا النهيُ عن البـيع عند النداء لصلاة الجمعة فليس هو نهياً تكليفياً نفسياً عن البـيع كما عرفتَ .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست