اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 338
فتكون قرينةً مهمّة في تحديد
الأهمّ ، ولذلك قالوا بأهميّة إنقاذ الغريق المحترم الدم على الغصب ، ومن هذا القبـيل
ما ذُكِر فيها وصْفُ مرتكبِ المعصية الفلانية بأنه كافر ، كما ورد في تارك الحجّ .
ومن هذا القبـيل أيضاً ما يَفهمه الفقيهُ من شدّة الإهتمام بالواجب الفلاني من بعض
ألفاظ شديدة الوطأ ، كالصلاة التي ورد فيها أنها لا تـترَكُ بحال من الأحوال ،
فإنه يستـفاد من هكذا كلام أنّ الصلاة أهم من الكثير من الواجبات التي لم يَرِدْ
فيها ذلك التشديد ، فإنّ قوله tإنها لا تـترَكُ بحالٍ
كاشفٌ عن أنّ المولى يهتم بملاكها كثيراً ، ومن هذا القبـيل ما يفهمه الفقيه من
خلال كثرة ذِكْرِ بعض الواجبات من شدّة الإهتمام به ، كما ورد في كَـثرة ذِكْرِ
الصلاة والزكاة ، بخلاف الخُمس ...
على كلٍّ ، إنْ لم يعلمِ
المكلّفُ الأهمَّ ـ رغم المراجعة وبذْلِ الجهد ـ فح مِنَ الطبـيعي أنّ العقل
يَحكُمُ بترجيح مظنونِ الأهميّة ، وإلاّ فمع عدم الظنّ يكون مخيّراً بـينهما ، كما
لو كان يغرق غريقان لا نُرَجّحُ واحداً منهما على الثاني بنظر الله تعالى ، أي لا
نعرف أيُّهما الأهمّ عند الله جلّ وعلا ، وبهذا يحكم العقلُ .
*ثمرة القول بالترتّب هو وجوب فِعْلِ الأهمّ
أوّلاً ، فإذا تركه عَصَى واستحقّ العقابَ عليه ، ويجب ح أن يفعل المهمّ ، فإذا
ترك المهمّ أيضاً عَصَى واستحقّ العقاب على تركه أيضاً ، وإذا ترك الأقلّ أهميّة
فكذلك عصى واستحقّ العقاب . وبالتالي لو تَرَكَ كلّ الواجبات ـ الأهمّ والمهمّ والأقلّ
أهميّةً ـ لاستحقّ ثلاثةَ عقابات على تركها ، وهذا أمْرٌ واضحٌ عقلاً وعقلائيّاً .
*****
إقتضاءُ الحُرْمَةِ لبطلانِ العِبادَة
النهيُ عن شيء في العبادة أو
المعاملة إن كان إرشاداً إلى اشتراط العبادة أو المعاملة بشرط معيّن ـ كما لو قال
المولى لا تُصَلّ من غير وضوء ولا تشترِ من الصبي غير المميّز ـ أو إن كان إرشاداً
إلى كون المنهيّ عنه مانعاً عن صحّة العبادة أو المعاملة ـ كما لو قال لا تـتكلّمْ
في الصلاة ولا تأكلوا أموالَكم بـينكم بالباطل ـ فلا شكّ ح في بطلانهما ، إنما الكلام
الآن في أنّ النهي عن العبادة ذاتاً ـ كالنهي عن الصيام في يومَي العيدين ـ هل يقتضي
بطلانَها أم لا
؟
الجواب : المعروف بين العلماء
أنّ النهي عن العبادة يقتضي بطلانَها ، سواءً كان النهيُ عن ذات الفعل لمبغوضيّته
، أو كان النهيُ عن الفِعْلِ بسبب الإبتداع والتشريع ـ لا بسبب المبغوضيّة
الذاتيّة للفعل ـ
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 338