اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 337
شرطكم .. شرطيّةُ النذر بعدم مضادّته ـ في
مرحلة الإمتـثال ـ مع الواجبات الأوّليّة كالحجّ والصلاة ، ولذلك يجب القولُ
بإطلاق الواجبات الأوليّة من ناحية النذر وتـقيّدِ الواجباتِ بالعرَض بعدم
مزاحمتها مع الواجبات الأوليّة ، ومن البديهي ح تـقديمُ الواجبات الأوليّة على
الواجبات بالعرَض ، لأهميّة الأولى على الثانية ، لأنّ القدرة المأخوذة في
الواجبات الأوليّة ح تكون بمثابة القدرة العقليّة ، والقدرة المأخوذة في الواجبات
بالعرض قدرة شرعيّة ، ولا شكّ في تـقدّم المشروط بالقدرة العقليّة على المشروط
بالقدرة الشرعيّة ، لأنّ الأوّل بمثابة المطلق الغير مقيّد ، وهذا يكشف عن محبوبـيته
على كلّ حال ، بخلاف المشروط بالقدرة الشرعيّة ، فإنه ليس محبوباً مطلقاً ، أي ليس
محبوباً في حال عدم حصول الإستطاعة إلى الحجّ . وبأقلّ تأمّل تعرف أنّ الوجوبات
الأوليّة ـ كوجوب الحجّ ـ تَـمنع تـنجّزَ الوجوباتِ بالعرَض ، فلن يتـنجّز[285] ح الوجوبُ بالعرَض .
من هنا تعرفُ أنّ الواجبَ
المطلقَ ـ كالإنـقاذ ـ أهمُّ من الواجب المقيَّد بالقدرة الشرعيّة ـ كالحجّ
والصيام ـ ، وذلك لأنّ الواجب المطلق من قيد القدرة الشرعيّة يدلّ على المحبوبـية
الدائمة والمطلقة للواجب أي حتى في حال العجز ، وهذا يدلّ على الأهميّة البالغة
للحكم ، بـينما الواجب المقيّد بالقدرة الشرعيّة هو مقيّد بحال القدرة فقط .
4 ـ وكما في ترجيح المطلق اللفظي
على الواجب اللُّـبـي ، فمثلاً : يجب أداء الفرائض في وقتها بمقتضى الآيات
والروايات ، من قبـيل [أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ
اللَّيْلِوَقُرْآنَ الفَجْرِ] [286] ، فإذا ضاق وقت
الفريضة ودار الأمرُ بين أن يقرأ السورة بعد الفاتحة فتخرجُ بعضُ الصلاة من وقت
الفريضة ، وبين أن يترك السورة ويُدرِكُ كلّ الفريضة في وقتها ، فإنّ العلماء
يقولون بأنه يترك السورةَ لإدراك كلّ الفريضة ضِمن وقتها ، وذلك لأنّ الصلاة ضِمن الوقت
واجب لفظي ، ودليلُ وجوب قراءة السورة هو الإجماع ، وهو دليل لُبـي ، لا نعرف كلّ
حدوده بالدقّة ، فقد لا يكون هناك إجماع على وجوب قراءة السورة في ضيق الوقت ، وعليه فلا شكّ في
رجحان الواجب المطلق اللفظي على الواجب اللبـي أي الغير واضح الحدود .
5 ـ كثيراً ما يَفهم الفقيهُ من
خلال الآيات والروايات شدّةَ اهتمام الشارع المقدّس بـبعض أمور ـ كالقتل والزنا
وترك الجهاد في سبـيله وسائرِ ما اَوعَدَ اللهُ تعالى على فعله أو على ترْكِه
دخولَ النار أعاذنا الله منها ـ
[285]
قلنا (يتـنجّز) ـ ولم نـقلْ (يتـفعّل) ـ
لأنّك ترى في ألسِنَة أدلّة اليمين والنذر أنّ من شروط اليمين والنذر رجحانَ
اليمين والنذر ، فمع رجحانهما ذاتاً يتفعّلان ، لكنْ مع وجود الحجّ لا يتـنجّزان .