responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 318

 


 

[ مباحث الدليل العقلي ] ([267]

مقدّمة البحث

لا شكّ أنك تعلم أنّ المراد من المباحث العقلية والقضايا العقلية هي التي يحكم بها العقلُ السليم ، ومن أهمّ القضايا العقلية هي (العدلُ حَسَنٌ) و (الظلمُ قبـيح) ، وهتان القضيّتان بما أنهما من أحكام العقل فلا يمكن تخصيصُهما ، ولا في مورد واحد ، فلا يمكن أن يكون العدلُ حَسَناً إلا في مورد واحد فإنه فيه قبـيح ، كما لا يمكن أن يكون الظلمُ قبـيحاً إلاّ في مورد واحد ، فإنه فيه حَسَنٌ ، وذلك لأنه إن كان الحَسَنُ في ذلك المورد قبـيحاً فهذا يكشف عن خروجه عن كونه حَسَناً وصيرورتِه ظلماً وبالتالي قبـيحاً ، ولذلك قال جميع العلماء قاطبةً بأنّ الأحكام العقلية لا تقبل التخصيصَ .

فإنْ قلتَ : قضيتا "الصدقُ حَسَنٌ" و "الكذبُ قبـيح" قضيتان عقليتان ، ومع ذلك تقبلان التخصيص ، فنقول : الصدق حسن إلاّ في بعض الموارد فإنه يكون قبـيحاً ، وكذلك الكذبُ قبـيحٌ إلاّ في بعض الموارد فإنه حَسَنٌ ، فكيف تقول بأنّ الأحكام العقلية لا تقبل التخصيص ؟!

قلتُ : قضيتا "الصدقُ حَسَنٌ" و "الكذبُ قبـيح" ليستا قضيتين عقليتين ، لأنّ الصدق ليس عدلاً دائماً ، وإنما أغلب الصدق عدلٌ وبعضه قبـيح ، ولذلك يمكن تخصيصُهما بمواردَ يكون فيها الصدقُ قبـيحاً والكذب حسناً ، كما لو جاءك سلطانٌ جائرٌ يريد أن يقتل مؤمناً ظلماً وعدواناً وسألك عن مكانه ، وأنت تعلم مكانَ وجوده ، فلو صدقتَ وأخبرتَه لكنتَ شريكاً له في القتل ، فيقبح ح إخبارُه بالحقيقة ، ويحسن الكذبُ عليه عقلاً ، للزوم تقديم الأهمّ على المهمّ . ومرجع كلامنا هذا إلى نفس القضيتين السالفتَي الذكر ـ وهي أنّ (العدل حَسَنٌ) و (الظلمُ قبـيح) ـ وإلى أنّ العدل هنا يقتضي أن تخلِّص المؤمنَ من ظلم السلطان الجائر ، فيقتضي الأمرُ عقلاً أن تكذب على السلطان الجائر وإلاّ كنت ظالماً للمؤمن عقلاً ، وبالتالي يكون حُكْمُ صِدقِك هو القبح . إذن ليست قضيتا "الصدقُ حَسَنٌ" و "الكذبُ قبـيح" قضيتين عقليّتين ، لأنّ الصدق قد يكون حسناً وقد يكون قبـيحاً ، فليس الصدق


[267] بما أنّ المباحث العقليّة هي من فروع أبحاث القطع ، لأنّ مباحث القطع والمباحث العقليّة متساوقان تماماً ، جعلنا المباحث العقليّة بعد مسائل العلم الإجمالي .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست