اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 311
التطبـيق
التاسع : اشتراك علمين إجماليـين في طرف واحد[264] :
إذا علمنا بوقوع نجاسةٍ في أحد
إناءين ، إمّا الأحمر وإمّا الأسود ، ولم ندرِ أيّ إناءٍ هو ، ثم علمنا بوقوع
نجاسة اُخرى إمّا في الأسود وإمّا في الأبـيض ، ففي هكذا حالةٍ لا شكّ في لزوم
الإجتـناب عن كل الآنية الثلاثة ، وهذا أمر بديهي ، ولا بأس بالقول بازدياد النجاسة
والقذارة في الإناء الأسود ، ولا وجه لما يقال بأنّ الإناء الأسود يجب الإجتـناب
عنه من خلال العلم الأوّل ، فلا وجه لتـنجّزه ثانياً ، فتجري إذن الاُصولُ
المؤمّنة في الإناء الأبـيض بغير معارض .
ورغم وضوح هذا الأمر عند جميع
العقلاء أخطأ بعضُ الناس في ذلك فقال بأنه إذا علمنا عند الظهر بوقوع قطرة دم إمّا
في الإناء الأحمر وإمّا في الإناء الأسود ، ثم علمنا عصراً بوقوع قطرة دم اُخرى
عند الصباح إمّا في الإناء الأسود وإمّا في الإناء الأبـيض ، ففي هكذا حالة لا يجب
الإجتـناب عن الإناء الأحمر !! وهذا القول الذي ذهب إليه المحقّق النائيني هو من
العجائب السبعة .
بـيان ذلك : قال السيد الشهيد :
"إذا افتُرِض اَنّ أحد طرفَي العلم الإجمالي أصبح طرفاً لعلم إجمالي آخر كما
إذا عَلِمْنا بنجاسة الإناء الأسود أو الأبـيض ، وعَلِمْنا بنجاسة الإناء الأسود
أو الأحمر بنجاسة
اُخرى
، كما لو كانت النجاسةُ الاُولى بولاً والنجاسة الثانية دماً ، فأصبح الإناء
الأسودُ طرفاً مشترَكاً لعِلْمَين إجماليـين ، فإن كان العِلْمان متعاصرَين
حدوثاً
فلا شك في عدم انحلال أحدهما بالآخر ، ولا شكّ في تـنجيزهما معاً وفي تَلَقّي
الطرفِ المشترَكِ التـنجيزَ منهما معاً ، لأنّ مرجع العِلْمَين حينـئذٍ إلى العِلْم
بثبوت تكليف واحد في الطرف المشترك أو تكليفين في الطرفين الآخرين .
واَمّا إذا كان أحدهما
سابقاً على الآخر فقد ذهب المحقّقُ النائينيإلى انحلال العِلْمِ المتأخِّر الذي يكون زمان معلومه متقدِّماً
، وأفاد في تخريج ذلك بأنه إذا كان المعلوم بالعِلْم المتأخر متقدماً ـ كما إذا
علم الآن بوقوع قطرة دم اِمّا في الإناء الأحمر وإمّا في الإناء الأسود ، ثم علم
بعد ذلك بأنّ الإناء الأسود أو الأبـيض كان نجساً منذ الصباح ـ فإنّ العلم
الإجمالي الأول لا يكون منجّزاً ، لأنه بعد حصول العِلْمِ بنجاسة الإناء الأسود أو
الأبـيض منذ الصباح ينكشف اَنّ قطرة الدم التي عَلِم إجمالاً بإصابتها لأحد
الإناءين لم تستوجب تكليفاً على كل تقدير ، إذ لو كانت قد أصابت الإناء
[264]
ذَكَرَ السيدُ الشهيد هذا التـنبـيه تحت عنوان (تطبـيقات وتـنبـيهات رقم 6) في
كتاب بحوث في علم الأصول ج 2 / مباحث الحجج والأصول العملية ، تقريرات السيد محمود
الهاشمي حفظه الله ص 254 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 311