اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 304
ضرورةَ أن العلم به إنما يوجب تـنجز
الإجتـناب عن خصوص الملاقَى ، لا تـنجز الإجتـناب عن فرد آخر ـ وهو الملاقِي ـ لم
يعلم حدوثه من الأصل وإن احتُمِلَ "(إنـتهى بتصرّفٍ قليل للتوضيح) [258].
أقول : هذا خطأ واضح ،
وجَلّ مَن لا يخطئ ، فإنّ الملاقِي يأخذ حكم الملاقَى بالوجدان ، خاصّةً إذا كان
الملاقِي لا يزال في قلب الماء ، فكما كان يجب عليك أن تجتـنب كلا الإناءين ، يجب
عليك أن تجتـنب أيضاً ملاقِي أحدِهما عقلاً ، والشارعُ المقدّس لا يتعبّدنا بما هو
مخالف للقطع والعقل . أو على الأقلّ قُلْ : لم يثبت أنّ الشارع المقدّس يقول لنا
"إجتـنبْ عن كلا هذين الإناءين لنجاسة أحدهما ، ولكن لا بأس بالصلاة في الثوب
الذي لاقَى أحدَهما ، لعدم علمك بأنه لاقَى خصوص الإناء المتـنجّس" .
ومن الجميل أن نذكر
اللطيفةَ التالية : قال صاحبُ الكـفاية بأنه قد يجب أحياناً الإجتـنابُ عن الملاقِي دون
الملاقَى ، وذلك فيما لو أخبرتِ البَـيّنَة زيداً بنجاسة إمّا الثوب وإمّا الإناء
الأحمر ، فسألهم زيدٌ : كيف علمتم بنجاسة أحدهما ؟ فأجابوه قائلين : مِنَ الأصلِ
وقعت النجاسةُ إمّا في الإناء الأبـيض وإمّا في الإناء الأحمر ، ثم لاقَى هذا
الثوبُ الإناءَ الأبـيض .
فقال صاحبُ الكفاية في هكذا
حالةٍ يجبُ الإجتـنابُ عن خصوص الثوب والإناء الأحمر فقط ، دون الإناء الأبـيض[259] !!!
دليلُ صاحبِ الكـفاية هو أنّ الإجتـناب عن
الإناء الأبـيض هو بلا وجهٍ أصلاً ، فتجري فيه الاُصول المؤمّنة بلا معارض ، ذلك
لأنّ وجوب الإجتـناب عن الإناء الأبـيض إن كان لأجل العِلم الثاني
الحاصل بعد السؤال فهو غير منجّز بعد تـنجيز العلم الإجمالي الأوّل بنجاسة إمّا
الثوب وإمّا الإناء الأحمر ، وإن كان لأجل ملاقات الثوب للإناء الأبـيض
فهو غير مؤثّر ، لأنّ نجاسة الثوب غير معلومة الحدوث !!!
وهذا أيضاً خطأ واضح ، فإنّ مِنَ
البديهي لزومَ اجتـنابِ الإناء الأبـيض ، لأنه صار طرفاً للعِلم الإجمالي .
نعم ، لا تـترتّب الآثارُ
المترتّبةُ على أحد الطرفين . فمثلاً : لو علمَ زيدٌ بأنّ في أحد الإناءين خمراً ،
ولم يحدّده بِعَينه ، فشربَ مِن أحدهما فإنه لا يستحقّ الحدّ الشرعي ـ وهو أن يُجلَدَ
ثمانين جلدةً على ظهره العاري من الثياب ـ وذلك لأنه لم يثبت أنه شرب الخمرَ ، نعم
، يجب عليه أن يَغْسِلَ باطنَ