اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 292
داود (المنقري ، ثقة) عن (القاضي)
حفص بن غياث[248]
عن أبي
عبد الله (ع) قال قال له رجل : إذا رأيتُ شيئاً في يدَي رجلٍ يجوز لي أن أشهد أنه له ؟ قال : نعم ، قال الرجل : أشهد أنه
في يده ، ولا أشهد أنه له ، فلَعَلَّهُ لغَيره ! فقال أبو عبد الله (ع) : أفَيَحِلُّ الشراءُ منه
؟ قال : نعم ، فقال أبو
عبد الله (ع) :
فلَعَلَّهُ
لِغَيره ، فمِنْ أين جاز لك أن تشتريَه ويصير ملكاً لك ثم تقول بَعْدَ المُلك هو
لي وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تـنبسه إلى من صار ملكُهُ مِنْ قِبَلِهِ إليك ؟ ثم قال أبو عبد الله (ع) : لو لم يَجُزْ
هذا لم يقم للمسلمين سوقٌ[249] مصحَّحة الكافي ، ورواها
الصدوق بإسناده عن سليمان بن داود . وتصحّح أيضاً من باب رواية الصدوق عنه في
الفقيه مباشرةً ممّا يعني أنّ كتابه من الكتب التي عليها معوّل الشيعة وإليها
مرجعهم .
ولعلّك تعلم أنّ (مصلحة التسهيل
على الناس) هي غير (دفْع الحرج) ، فقد يمكن التوقّي عن المحلات المشكوكة النجاسة
من غير الوقوع في الحرج ، ولكنه خلاف التسهيل .
كما أنه قد لا تقع أنت في الحرج
في بعض الأحيان ، كما لو أمكن لك أن تـتجنّب الشراءَ من السوق في بعض الأحيان ولا
تقع في الحرج ، لكن بشكل غالب إن وجب الإحتياط في سوق المسلمين فسيقع المسلمون
جميعاً أو أكثرهم في الحرج الأكيد غالباً جداً ، بل سيقع الكثير منهم في الضرر
أيضاً ، وذلك إن لم يشترِ المسلمون من عندهم لاحتمال المشترين عدمَ صحّة تذكية
القصّاب لأنعامه أو لاحتمال عدم اطمئـنانهم بصحّة تطهير القصّاب ، وكذلك المشترون
قد يتضرّرون أيضاً ، فإنهم إن احتاجوا للشراء من شخص لا يطمئـنون بصحّة تذكيته
وتطهيره فإنهم قد يضطرّون للذهاب إلى أماكن بعيدة فيتضررون أيضاً من أكثر من جهة .
الرابعة : إنّ معنى الترخيص في
الشراء والأكل من سوق المسلمين هو الترخيص في كلّ المحلاّت ، أي أنّ الاُصول
الترخيصيّة تجري في كلّ محلّ محلّ ، وليس هذا بقبـيح ، طالما أنّ إصابة النجس
الواقعي ـ كما قلنا ـ بعيد وطالما أنّ المولى تعالى يحبّ أن يسهّل على عباده ، أو
قُلْ : هذا الترخيص في كلّ محلّ محلّ غير قبـيح عقلائياً ، طالما اجتمع ضعف احتمال
إصابة النجس الواقعي مع مصلحة التسهيل على الناس .
[248] عامّيّ ، له كتاب معتمد ـ ست ، وقال الشيخ في العدّة : عملت الطائفة
بما رواه فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه ، ويروي عنه في الفقيه مباشرةً .