اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 29
ومن الطبـيعي أن يتطوّر
هذا العِلم على أيدي عظماء تلك المرحلة من قبـيل ابن إدريس والمحقق والعلامة والشهيدين
الأول والثاني رحمهم الله جميعاً ، وذلك بسبب الفاصل الزمني بين المرحلة الثالثة
وعصر النصوص ، إذ كلما اتسع هذا الفاصل الزمني حدثت مشاكلُ في مجال الإستـنباط وكُلِّفَ
عِلْمُ الأصول بدراستها والتـفكير في وضع الحلول المناسبة لها .
وإنما نعتبر
بداية المرحلة الثالثة هي بداية مرجعية الشيخ الطوسي لعدّة أسباب :
ـ منها : أنـنا نلحظ من
مقدّمة كتاب العِدّة في علم الاُصول للشيخ الطوسي أنّ علم الاُصول لم يُدَوَّن قَبْلَه
بشكل مستـقلّ وجيّد ومنقّح ... فشرع في كتاب جامعٍ للشروط المطلوبة [16]..
ـ ومنها : هيمنة الشيخ
الطوسي على فِكْر الطائفة الشيعية في كلّ العلوم الحوزوية لأكثر من قرن من الزمان
وفي كلّ المجالات : في علم الكلام والفقه وأصول الفقه والتـفسير والرجال وغيرها من
العلوم ، وإن اشتهر من بين مولّفاته التهذيب والإستبصار والمبسوط والخلاف والنهاية
، لا بل هَيمن إلى يومنا هذا ، فترى فقهاءَنا المعاصرين يتحاشَون التخطّي عن آرائه
واستدلالاته الفقهية ، ويتابعونه في كثير منها .
مع أنه برز في هذه المرحلة
الثالثة كبارُ العلماء من أمثال سلار المتوفّى 448 والقاضي ابن البرّاج المتوفّى
481 ، وأبي يعلى الجعفري المتوفّى 463 ، وابن حمزة من أعلام القرن السادس ، وابن
زهرة الحلبي المتوفّى 585 هـ ، لكنهم ما تجرّؤوا .. وتباطأت المدرسة الاُصولية
والفقهية في تـقدّمها ..
[16] قال الشيخ الطوسي في خطبته في أوّل كتابه
(العدّة في اُصول الفقه) ص 3 : "قد سألتُم أيّدكم الله إملاءً مخـتـصراً في أصول الفقه ، يحيط بجميع
أبوابه على وجه الإخـتـصار والإيجاز على ما تـقـتـضيه مذاهبنا وتوجبه أصولنا ، فإنّ
مَن صَنّف في هذا الباب سلك كلّ قوم منهم المسالك التي اقـتـضتها أصولهم ، ولم
يصنف أحدٌ من أصحابنا في هذا المعنى ، إلا ما ذكره شيخنا أبو عبد الله رحمه الله في المختصر الذي له في أصول الفقه ولم يستـقصِه
، وشذَّ منه أشياء يحتاج إلى استدراكها ، وتحريرات غير ما حرَّرها ، وإنّ سيدنا
الأجل المرتضى قدس
الله روحه وإن كثر في
أماليه وما يُقرَأُ عليه شرَح ذلك ، فلم يصنِّف في هذا المعنى شيئاً يُرجَعُ إليه
، ويُجعل ظهراً يُستـندُ إليه . وقلتم : إن هذا فَنٌّ مِنَ العلم لا بد من شدة الإهتمام
به ، لأن الشريعة كلها مبنـيّة عليه ، ولا يتم العلم بشيء منها من دون إحكام
أصولها ، ومن لم يحكم أصولها فإنما يكون حاكياً ومقلِّداً ، ولا يكون عالماً ،
وهذه منزلة يرغب أهلُ الفضل عنها . وأنا مجيـبكم إلى ما سألتم عنه ، مستعيناً بالله
وحوله وقوته ، وأسأله أن يعينـني على ما يقرب من ثوابه ويـبعد مِن عقابه . وأقدم
في أول الكتاب فصلاً يتضمن ماهيةَ أصول الفقه ، وانـقسامها ، وكيفية ترتيب أبوابها
، وتعلق بعضها بـبعض ، حتى أنّ الناظر إذا نظر فيه وقف على الغرض المقصود من الكتاب
، وتبـين من أوله إلى آخره ..." (إنـتهى) .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 29