اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 287
الرابع : أن الميزان في كون
الشبهة غير محصورة هو الصدق العرفي ، فما صدق عليه عرفاً أنه غيرُ محصور يترتب
عليه حكمه ، ويختلف ذلك باختلاف الموارد .
الخامس : أن الشبهة غير
المحصورة هي ما يَعْسُرُ موافقتُها القطعية .
والسادس : أنّ غيرَ المحصورة هي
ما يَعْسُرُ عَدُّهُ .
وقد تـتداخل بعض التـفسيرات في
بعض .
أمّا على التـفسير الأوّل فإنْ كَثُرَتِ
الأطرافُ إلى حدّ يطمئنّ فيه الإنسانُ بعدم كون هذا الإناء هو المتـنجّس بعينه جاز
له شرب أي إناء بلا شك ، وذلك لأنه لو اختار الإناءَ الأوّل وشربه لاطمئـنانه بعدم
كونه هو المتـنجّس بعينه لجاز لنفس السبب شرب الثاني والثالث والعاشر والمئة إلى
تمام الألف ، بلا أي فرق بـينها ، لا ، بل هو حينما شرب بعض الآنية فإنّ جواز شرب
الباقي يكون بطريق اَولى ، ذلك لأنّ الباقي سيصير أشبه بالشبهة البدويّة . إذن
فدليلُنا هنا هو حصولُ الإطمئـنان ، وحجيّةُ الإطمئـنان في مثل هكذا حالة واضحة
عقلائياً .
لكنْ كلّ ذلك بشرط كون كلّ
احتمالٍ ضعيفاً في ذاته ، أمّا لو افترضنا أنّك تظنّ أو بل تحتمل احتمالاً معتدّاً
به أنّ النجاسة وقعت في هذه الآنية الفلانية فإنه لا يجوز لك الإقتحام قطعاً .
ولك أن تستدلّ على ما قلناه
بدليل آخر وهو التمسّك بإطلاق أدلّة الحِلّ لما إذا لم يكن هناك مانع عقلائي من
شمول أدلّة الحلّ لكلّ الأطراف ، لكن بشرط الكثرة الكثيرة بحيث لا يعود يستهجن
العقلاء من شمول الترخيص لكلّ هذه الأطراف الكثيرة .
هذا ولكن قال السيد الشهيد :
"البـيان الثاني : اِنّ عدم القدرة على المخالفة القطعية إذا نشأ من كثرة
الأطراف أدَّى إلى اِمكان جريان الأصول فيها جميعاً ، إذ في غرض لزومي واصل كذلك ـ
بوصولٍ مردَّدٍ بين أطراف بالغةٍ هذه الدرجةَ مِنَ الكَثرة ـ لا يرى العقلاء
محذوراً في تقديم الأغراض الترخيصية عليه ـ لأنّ التحفُّظَ على مثل ذلك الغرض
يستدعي رفْعَ اليدِ عن أغراض ترخيصية كثيرة ـ ومعه لا يـبقى مانعٌ عن شمول دليل
الأصل المؤمّن لكل الأطراف . وهذا هو البـيان الصحيح للركن الرابع وهو يثبت عدم
وجوب الإحتياط في الشبهة غير المحصورة .
وهكذا نخرج بتقريبين لعدم وجوب
الإحتياط في أطراف الشبهة غير المحصورة ، غير أنهما يختلفان في بعض الجهات ، فالتقريب
الأول ـ وهو حصول اطمئـنان وهذا الإطمئـنانُ حجّة ـ يتم حتى في
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 287