اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 285
الأصلَ الحاكم في رتبته والأصلَ
المحكوم أيضاً في رتبته ، فهذا معناه أنّ هذا الأصل له عرض عريض ، يوجد في رتبتين
، مع أنّه يستحيل وجود شيء في رتبتين .
والجواب : إنّ معنى ما ذكرناه
من منع قانون ( ما مع المتقدّم متقدّم وما مع المتأخّر متأخّر ) أنّ ذاك العرضي
الآخر لا وجه لتقدّم له على هذا الأصل الطولي ، كما لا وجه لتقدّم له على ذاك
الأصل العرضي ، ولا لتأخّره عن أحدهما ، وهذا معنى كونه في عرض هذا وذاك ، ولا
يلزم من عرضية الثاني لهما ـ بمعنى عدم الوجه للتقدّم عليهما ـ وجودُ الشيء في
رتبتين .
الوجه الثالث : إنـنا عرفنا أنّ
التأخّر عن أحد العرْضيـين لا يوجب التأخر عن العرْضي الآخر ، لكنّا نثبت هنا
بالبرهان عدم صلاحية الأصل الطولي لمصادمة الأصل العرضي في الطرف الثاني ، فتبقى
المصادمة من طرف واحد ، وهي مصادمة ذلك الأصل العرضي لهذا الأصل الطولي ، وإذا كان
الصدام بين أصلين من طرف واحد فحسب ، فلا محالة يكون الأصل الصادم ـ أي الطولي ـ
مقدّماً على الأصل المصدوم ـ أي العرْضي الثاني ـ ولا يقع التعارض والتساقط ، لأنّ
التعارض فرع صلاحية المنع من الطرفين ، فهذا الأصل الطولي يكون في طول ذلك الأصل
العرضي ، لتقدّم هذا الأصل العرضي عليه ، فبعد سقوطه تصل النوبة إلى هذا الأصل
الطولي بلا مزاحم[242] .
والجواب : هو أنه يستحيل أن
يعطي موتُ الأصل الثاني فرصةَ الوجود للأصل الأوّل العرْضي بعد موت الأصل العرضي
الأوّل أيضاً " (إنـتهى كلام السيد الشهيد الصدر) .
ثم قال السيد الشهيد بعد عَرْضِ
تمامِ الوجوه الخمسة وردّها ، قال : "وقد تحصل من جميع ما ذكرناه أنّ الأخذ
بالأصل الطولي بعد رفع اليد عن الأصلين العرضيـين إذا لم يكونا متسانخين ، ممّا لا
أساس له لبطلان جميع الوجوه في المقام" .
أقول : كان يمكن اختصارُ
المطلب كلّه بأن يقال بأنّ الأصل الطولي غيرُ ناظر لهكذا حالات مقترنة بالعلم
الإجمالي ـ سواءً كان أصالة الحلّ أو الطهارة ـ ، بل إنّ جريانه مستبعَدٌ جداً عند
العرف ، فلا يجري أصلاً .
مثال ذلك أن يُعلم اِجمالاً
بنجاسة اِناءٍ مردَّدٍ بين إناءين ، الأوّلُ مجرى لأصالة الطهارة فقط ، والثاني
مجرى لاستصحاب الطهارة وأصالتها معاً ، فقد يقال في مثل ذلك : "اِنّ أصالة
الطهارة في
[242]
بـيان وجههم الثالث باختصار : قالوا : لو فرضنا أنّ الأصل الطولي عارَضَ الأصلَ
العرْضي الثاني ومات العرضيُّ الثاني ، فمعنى هذا أنّ العرضي الأوّل سيرجع إلى
الحياة ، وإذا كان الوجه في سقوط أصلين تعارضهما فموتُ أحدِهما ـ كالعرْضيّ الثاني ـ يستلزم لا محالةَ حياة العرضيّ الأوّل
.
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 285