اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 272
أمّا في الحالات التي يتقبّل
العرفُ فيها الترخيص ـ كما لو كانت الأطراف كثيرةً عرفاً أو كما لو تلفت بعض
الأطراف بنظر العرف كما لو وقعت قطرة ماء متـنجّسة إمّا على ثوبك وإمّا في البحر
أو في المرحاض ـ أي لا يستهجن العرفُ فيها من جريان الاُصول المؤمّنة في بعض
الأطراف أو في كلّها ـ كما في سوق المسلمين ـ بحيث لا يرى العرفُ تـناقضاً بين الحرمة
في بعضها والترخيصِ في بعضها الآخر بل في كلّها ، فلا مانع من أن يَعمَل المقتضي
عملَه ، فنـتمسّك بإطلاقات الأدلّة المؤمّنة قطعاً ، ونُجري الاُصول الترخيصية في
البعض أو في الكلّ ، كما سيأتينا تـفصيلُه في الأبحاث الآتية .
ما اُريد أن أقوله هو أنه لا
يوجد مانع من جريان الترخيص في كلّ الأطراف نظريّاً إن لم يستلزم الترخيص في
المخالفة العمليّة ، كما في سوق المسلمين .
فإن قلتَ : أنت تقول بوجوب
الموافقة القطعيّة !
قلتُ : نعم ، صحيح ، لكنـنا
نقول بالإقتضاء ، أي نحن نوجب الموافقة القطعيّة بشرط عدم ورود ترخيص شرعي ، فإن
جاءنا ترخيص شرعي نـتبعه ، طبعاً كما قلنا مراراً (بشرط عدم كون الترخيص قبـيحاً
عند المتشرّعة) .
قولُنا هذا هو القول المعتدل بين
الأقوال ، وهناك مَن يقول بحِلّيّة كلّ الأطراف مطلقاً ، ولم يقيّد بالموارد الغير
مهمّة في نظر الشارع المقدّس ، وبكثرة الأطراف ، قال السيد المروّج في حاشيته على
الكفاية ج 4 ص 161 : "الثالث : إنه كالشكّ البدوي ، وهو ظاهر أربعين العلاّمة
المجلسي على ما حكاه المحقّق القمّي عنه في قانون البراءة ، حيث قال ـ أي العلاّمة
المجلسي ـ فيه (وقيل يحلّ له الجميع لما ورد في الأخبار الصحيحة إذا اشتبه عليك
الحلال والحرام فأنت على حلّ حتى تعرف الحرام بعينه ، وهذا أقوى عقلاً ونقلاً) ،
والظاهر اختيار العلاّمة المجلسي له . إنـتهى كلام السيد المروّج .
وقد يقول بهذا صاحب الكفاية
أيضاً إذ قال : "لا يـبعد أن يقال (ربّما يقال) إن التكليف حيث لم ينكشف
بالعلم الإجمالي تمام الإنكشاف ، وكانت مرتبة الحكم الظاهري معه محفوظة ، جاز
الإذنُ ـ أي ثبوتاً ـ من الشارع بمخالفته ، اِحتمالاً بل قطعاً ـ أي في بعض
الأطراف بل في كلّ الأطراف ـ . ومحذورُ مناقضته ـ أي مناقضة الترخيص ـ مع المقطوع
إجمالاً إنما هو محذور مناقضة الحكم الظاهري مع الواقعي في الشبهة غير المحصورة ،
بل الشبهة البدويّة ، ضرورة عدم تـفاوت في المناقضة بين التكليف الواقعي والإذن
بالإقتحام في مخالفته بين الشبهات أصلاً ، فما به التـفصّي ـ أي التخلّص ـ عن
المحذور فيهما ـ أي في الشبهة غير المحصورة والشبهة البدويّة ـ كان به التـفصّي
عنه في القطع به في الأطراف المحصورة أيضاً كما لا يخفى"(إنـتهى) . أقول : هو كلام واضح
البطلان .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 272