اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 270
أقول : لا شكّ في أنّ
العرفَ لا يفهمون من أدلّة الاُصول الترخيصيّة ـ كأحاديث الحلّ ـ جريانَها ولو في
بعض الأطراف ـ طبعاً بنحو التخيـير ـ إن كانت الأطراف قليلةً عرفاً ، وإنما
يحصرونها في سوق المسلمين ونحوه ...
ولذلك لا نقول بجريان الاُصول
الترخيصيّة فيها ثم إذا تكاذبت تساقطت ، وإنما لا تجري الاُصول الترخيصيّة من
الأصل . وذلك لأنـنا يجب أن نـتصوّر كلّ طرف بكلّ متعلّقاته ـ أي بما هو طرف للعلم
الإجمالي ـ ففي هكذا حالة لا يُجري العرفُ الاُصولَ الترخيصيّة في أيّ طرف .
ورغم وضوح ما قلناه ترى المحقّقَ
القمّي يقول في قوانينهبجواز جريان الاُصول المؤمّنة فيما عدا مقدار الجامع ،
وقالها من بعده المحقّق العراقي[225]، لكنْ بناءً على قول
مخالفيه القائلين بأنّ العلم الإجمالي ليس علّةً تامّةً لوجوب الموافقة القطعيّة ،
وإنما هو مقتضٍ لذلك بحيث يمكن الترخيص ثبوتاً في كلّ الأطراف أو بعضها . إذن قال
المحقّق القمّي بأنّ الجامع يفيدنا حرمة ارتكاب كلا الإناءين ، ويجوز ارتكاب
أحدهما فقط ، بمعنى أنك إذا ارتكبت هذا الطرف فلا ترتكب الطرف الآخر ، وأمّا إذا
لم ترتكب هذا الطرف فَلَكَ أن ترتكب الطرف الآخر ، وذلك تمسّكاً بقاعدة الحِلّ
فيما عدا مقدار الجامع ، أو قُلْ جمعاً بين قاعدة الحِلّ وعلمنا بالجامع .
وأجاب السيد الخوئي بأنّ كلام
المحقّق القمّي يؤدّي إلى الترخيص في المخالفة الواقعيّة ، وذلك إذا نَوَيْنا ترك
كلا الطرفين ، أي إذا جمعنا بين الترخيصين المشروطين ، فإنّ هذا يؤدّي إلى جريان
الاُصول الترخيصيّة في كلا الطرفين مع أنـنا نعلم بأنّ أحدهما متـنجّس !! ولهذا السبب
لا يُجري العرفُ أصالةَ الحِلّ في أحد الطرفين .
وقال المحقّق العراقي بأنّ لنا
أن نرفع اليد عن الإطلاق الأحوالي لدليل الأصل المؤمّن في كلّ طرف ، بمعنى أنـنا
لا نجري الأصلَ المؤمّن في كلّ طرف على كلّ حال ـ أي سواءً ارتكبنا الطرف الآخر أم
تركناه ـ وإنما نجري الأصلَ المؤمّن في أحد الطرفين بنحو التخيـير لكن بشرط نيّة
ترك الطرف الآخر ، لكنْ طبعاً بناءً على قول مخالفيه القائلين بأنّ العلم الإجمالي
ليس علّةً تامّةً لوجوب الموافقة القطعيّة ، وإنما هو مقتضٍ لذلك ... وبكلمة واحدة
: لا مانع إثباتي عنده من إجراء الأصل الترخيصي بشكل ينـتج التخيـير[226] .
أقول : يرد عليه :
[225]
راجع بحوث في علم الأصول ج 5 ص 188 ومصباح الاُصول للسيد الخوئي ج 2 ص 352 .
[226]
راجع نهاية الأفكار/القسم الثاني من الجزء الثالث ص 317 ، 320 ، والمقالات ج 2 ص
12 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 270