اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 232
المَقام
الأوّل : مقدّمة البحث وهو في نقطتين
الاُولى : في تعريف التجرّي
المراد بالتجرّي ـ بإصطلاح
الاُصوليـين ـ هو ارتكابُ فِعْلٍ باعتقاد حرمته عليه شرعاً ، وهو جاهل بأنه ليس
بمحرّم في الواقع ، أي عن سوء نيّة ، سواءً كان المرتكبُ معتقِداً بمخالفة نفس
الحكم الشرعي الواقعي أو كان معتقِداً بمخالفة وظيفته العملية، كما لو كان يخالفُ
مقتضى خبر الثقة الحجّة عليه أو كان يخالف مقتضى الأصل العملي . وبتـفصيل أكثر :
لو كانت وظيفته في مورد العلم الإجمالي بنجاسة أحد إناءين موجودَين أمامه هو
تركهما معاً عقلاً فأقدمَ على شرب أحدهما فإنه يكون قد تجرّأ على مولاه ـ حتى ولو
صادف أنه لم يشرب المتـنجّسَ الواقعي ـ وذلك لأنه عمِلَ بخلاف وظيفته الشرعية
والعقلية ، وكذا لو كانت حالة الإناء السابقةِ النجاسةَ وكان عليه أن يستصحب
نجاسته فشربه رغم علمه بالحرمة شرعاً فإنه يكون قد خالف وظيفته الشرعية فيستحقّ
العقاب حتماً ، وهكذا لو خالف وظيفته الشرعية والعقلية في الشبهات الحكمية
البدويّة فكانت وظيفته الفحصَ ، فخالف ولم يـبحث ، فإنه أيضاً يستحقّ العقاب حتى
ولو صادف أنه لم يخالفِ الواقعَ ...
والعصيان بالمعنى الاُصولي هو
المتجرّئ الذي أصاب الحرام الواقعي .
أمّا الإنقياد باصطلاح
الاُصوليـين فهو الإقدام على عمل معيّن باعتقاد أنه مشروع من قبل الله تعالى ، مع
أنه في الواقع لم يكن مشروعاً ، فالإنقياد شبـيه بالتجرّي من جهة اعتقاده الخاطئ
ومن جهة مخالفة الواقع ، ومخالف للتجرّي من جهة أنه كان يريد إطاعة المولى ، لكنه
لم يُصِبِ الواقعَ .
وكما سنقول باستحقاق المتجرّي
العقاب دون حرمة نفس التجرّي والفعل المتجرّى به يجب القول باستحقاق المنقاد
للثواب ـ دون استحباب نفس الإنقياد أو استحباب الفعل المنقاد به ـ وذلك لنفس السبب
تماماً ، وهو حسن نيّته وإرادته إطاعة المولى تعالى ، حتى ولو جاءه ظنّ أو احتمال
من روايات ضعيفة ، فأتى بالفعل برجاء المشروعية والطاعة .
وأمّا الطاعة باصطلاح
الاُصوليـين فهو الإقدام على عملٍ ما بقصد طاعة الله تعالى وقد أصاب الواقعَ فعلاً
.
وأمّا التجرّي باصطلاح العرف
العام فهو يرادف العصيان تماماً ، أي أنّ التجرّي عند الناس هو مطلق التجرّؤ على
المولى سواءً كان المولى مولىً حقيقياً أو كان مولىً عرفياً وسواء أصاب المتجرّئُ
الواقعَ أم لا .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 232