اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 216
فهي ـ كما قلنا ـ مجرّدُ تـنبـيهاتٍ
للفقهاء لأن يتحقّقوا من أحكامهم العقلية قبل الجزم بها ، أقصد أنه تعالى يريد أن
يخلق عندهم شكّاً في مقدّمات القطع ، لا في كبرى حجيّة القطع .
*وهنا سؤال : هل أنّ القطع
الناتج من المنامات والتـنجيمات والإسطرلاب ونحو ذلك حجّة شرعيّة وعقلية أيضاً ؟
والجواب : لو فرضنا وقوعَ هذا
لكان حجّة لما ذكرناه قبل قليل ، أي إذا اعتقد صحّة ذلك كما يرى الحائط أمامه وكما
يؤمنُ بوجود نفسه ، لكن الكلام في حصول الصغرى ، فإنـنا نستبعد وقوعَ هذا من فقيه
واحد في العالم ، إنْ هذا إلاّ فرض يستحيل عادةً وقوعه .
الرابع : هل قَطْعُ القطّاعِ حُجّةٌ أم لا ؟
لا شكّ في كونِ قطْعِ القطّاع
حجّةً ، لما ذكرناه من كون الحجيّة ذاتية للقطع ، لكنه إذا كان يعرف نفسه أنه
قطّاعٌ فإنه يجب عليه أن يعالج نفسه من هذا المرض كي لا يقع ـ بتقصيره ـ في مخالفة
الواقع ، فقد يوجب شيئاً لا يجب في الأصل ، وقد لا يوجب شيئاً هو واجب بالأصل ،
وذلك من تقصيره في التأمّل وطول البال في البحث والتمحيص ، بل هذا في الواقع من
التجرّي في دين الله ، خاصّةً إذا كان مُفتياً للناس ، لا بل لا يـبعد ـ إن صادف
أن وقع في مخالفة الواقع ـ أن يعدّ عاصياً لله تعالى أي من حيث استحقاق نفس مقدار
المعصية الواقعية ـ وليس فقط متجرّياً ـ لأنه مقصّر في البحث ، بل يمكن الإستدلال
على كونه عاصياً من كونه عالماً بمخالفة بعض قطوعاته للأحكام الواقعية ، فهو إذن
خالفَ الواقعَ بسوء اختياره ، ولا تـتوقّفُ المعصيةُ على مخالفة الحكم الواقعي
المعروف والمشخّص عنده ، إنما يكفي ـ في حصول المعصية ـ حصول العلم بالحكم الواقعي
ولو ضِمن عدّة محتملات ومخالفة مقتضى العلم الإجمالي ومصادفة مخالفة الواقع .
ومن العجيـب ادّعاءُ السيد
الشهيد الصدر[187] بأنه مع مصادفة مخالفة
القطّاع للواقع فإنه يستحقّ العقاب بمقدار التجرّي ، لا بمقدار المعصية الواقعيه ،
مع أنه في السابق قال بأنه يستحقّ
[187]
في الجهة الثالثة : في
متعلّق الأقسام عند قوله "وثانياً : ليس الشكّ في حكم ظاهري .. ولذلك ترانا
نقول بأنّ موضوع العقاب إنما هو مخالفة الحكم الواقعي ، والعقابُ في الآخرة إنما
يناسب مخالفة الواقع لا مخالفة الأمارة ".
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 216